بِالْإِسْنَادِ- يَرْفَعُهُ- إِلَى عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، وَ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ أَنَّهُمَا، قَالا: كُنَّا بَيْنَ يَدَيْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام) وَ كَانَ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ تَاسِعَ عَشَرَ خَلَتْ مِنْ صَفَرٍ، فَإِذَا بِزَعْقَةٍ [1] عَظِيمَةٍ قَدْ أَمَلَّتِ الْمَسَامِعَ وَ كَانَ عَلَى دَكَّةِ الْقَضَاءِ، فَقَالَ: يَا عَمَّارُ، ايتِنِي بِذِي الْفَقَارِ- وَ كَانَ وَزْنُهُ سَبْعَةَ أَمْنَانٍ وَ ثُلُثَيْ مَنٍّ بِالْمَكِّيِّ- فَجِئْتُ بِهِ وَ قَدِ انْتَضَاهُ [2] مِنْ غِمْدِهِ، وَ تَرَكَهُ عَلَى فَخِذِهِ.
فَقَالَ: يَا عَمَّارُ، هَذَا يَوْمٌ أَكْشِفُ فِيهِ لِأَهْلِ الْكُوفَةِ الْغُمَّةَ، لِيَزْدَادَ الْمُؤْمِنُونَ وِفَاقاً، وَ الْمُخَالِفُونَ نِفَاقاً.
يَا عَمَّارُ، ائْتِ بِمَنْ [3] عَلَى الْبَابِ، قَالَ عَمَّارٌ: فَخَرَجْتُ وَ إِذَا بِالْبَابِ امْرَأَةٌ عَلَى جَمَلٍ فِي قُبَّةٍ، وَ هِيَ تَبْكِي وَ تَصِيحُ:
يَا غِيَاثَ الْمُسْتَغِيثِينَ، يَا بُغْيَةَ الطَّالِبِينَ، يَا كَنْزَ الرَّاغِبِينَ، يَا ذَا الْقُوَّةِ الْمَتِينَ، وَ يَا مُطْعِمَ الْيَتِيمِ، وَ يَا رَازِقَ الْعَدِيمِ وَ يَا مُحْيِيَ كُلِّ عَظْمٍ رَمِيمٍ، يَا قَدِيماً سَبَقَ قِدَمُهُ كُلَّ قَدِيمٍ، وَ يَا عَوْنَ مَنْ لَيْسَ مَعَهُ مُعِينٌ، يَا طَوْدَ مَنْ لَا طَوْدَ لَهُ، يَا كَنْزَ مَنْ لَا كَنْزَ لَهُ، إِلَيْكَ تَوَجَّهْتُ وَ بِنَبِيِّكَ تَوَسَّلْتُ وَ بِخَلِيفَةِ رَسُولِكَ، قَصَدْتُ، فَبَيِّضْ وَجْهِي، وَ فَرِّجْ عَنِّي كُرْبَتِي قَالَ عَمَّارٌ: وَ حَوْلَهَا أَلْفُ فَارِسٍ بِسُيُوفٍ مَسْلَولَةٍ، فَقَوْمٌ لَهَا وَ قَوْمٌ عَلَيْهَا.
فَقُلْتُ: أَجِيبُوا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام) أَجِيبُوا عَيْبَةَ عِلْمِ النُّبُوَّةِ.
قَالَ: فَنَزَلَتْ مِنَ الْقُبَّةِ وَ نَزَلَ الْقَوْمُ مَعَهَا، وَ دَخَلُوا الْمَسْجِدَ، فَوَقَفَتِ الْمَرْأَةُ بَيْنَ يَدَيْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام) وَ قَالَتْ:
[1] الزعقة: الصّيحة العظيمة.
[2] نضي السّيف: سله من غمده.
[3] في نسخة: (رأيت من).