اللحاظ
الثاني: إنّ وظيفة الإمام في هذه الحكومة هي العمل بالقرآن و تطبيق أحكامه و
تعاليمه، فالقرآن لم ينزل لتقتصر الأُمّة على تلاوته، و تحتكم في عملها و وظائفها
للقوانين الوضعية التي يبتدعها بعض الأفراد بما لديهم من أفكار و آراء؛ الأفراد
الذين لا يسعهم النظر إلى أبعد من الواقع الذي يعيشون فيه و يفتقرون للإحاطة
التامّة بجميع المصالح و المفاسد، فالمجتمع في ظلّ حكومة هؤلاء الأفراد يعيش في
دوامة من القلق و الاضطراب و الفساد و الانحراف، فهي حكومة الأهواء و الشهوات التي
تحرق الأخضر و اليابس من قيم الأُمّة. أجل لا بدّ أن يكون القرآن هو المنهج الذي
تستمدّ منه القوانين في الدولة الإسلاميّة التي يتزعّمها الإمام، فتكون وظيفته
الانتصار للمظلوم و بسط القسط و العدل، بحيث لا يطمع القوي في حيفه و لا ييأس
الضعيف من عدله، و لا ينبغي أن ينحرف الإمام قيد أنملة في إجرائه للقوانين
الإسلامية التي تضمن العدل و تزيل الظلم و الجور، و أن يحبس نفسه للَّه و لا يرى
سوى رضاه. و بناءً على هذا لا ينبغي لأيّ عنصر سوى الحقّ أن يؤثّر على الإمام في
بسطه للعدل و القسط، من قبيل النسب و الحصول على الجاه، و القبلية و القومية، و ما
إلى ذلك، و إلّا فهو أسير بيد الشيطان، و ليس لمثل هذا الفرد أهلية زعامة الإسلام
و المسلمين. هذه هي وظائف الإمام، و لذلك قال أمير المؤمنين علي عليه السلام حين
ولي أمر الخلافة: «ليس أمري و أمركم واحداً، إنّي اريدكم للَّه و أنتم تريدونني
لأنفسكم، أيّها الناس أعينوني على أنفسكم، و أيم اللَّه لأنصفنّ المظلوم من ظالمه
و لأقودنّ الظالم بخزامته حتّى أورده منهل الحقّ»
[1]. فأمير المؤمنين إنّما يحكم من أجل اللَّه، و حكومته إجراء العدل و
الانتصار