لهم
إلهاً كما كان للآخرين، و في نهاية الأمر يخبر القرآن عنهم بقوله: وَ ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَ الْمَسْكَنَةُ[1]. و هذا نبيّ الإسلام أعظم زعيم عرفه
العالم الإنساني، فرغم جهوده الجبّارة و نجاحه في نشر رسالة السماء في أنحاء العالم،
إلّا أنّه لم يستطع أن يجعل الإسلام بكماله و تمامه هو الحاكم المطلق للعالم. هل
استطاع نبيّ الإسلام إبّان حياته أن يضع الأئمّة الأطهار عليهم السلام صراحة في
مواقعهم؟ نعم، بعد كلّ تلك المدّة من الزعامة و الجهود المضنية في رفع مستوى
الامّة و تعويدها على ممارسات الدين و مفاهيمه و ربطها بعجلة الحضارة و الرقيّ و
التمدّن و إنقاذها من الجهل و الوثنية و التعنّت و التعصّب و المنطق الغاشم لأمثال
أبي سفيان و صنمية أمثال أبي جهل، طرح أواخر حياته الشريفة قضية الغدير التي صرّحت
بخلافة علي عليه السلام، فأطلق ذلك الرجل الذي كان قربه- و قد تغذّى على مفاهيم
الإسلام- عبارته المعروفة «إنّ الرجل ليهجر»
[2]! هل استطاع الإسلام آنذاك اجتثاث جذور اليهود؟ هل استقطب إليه
النصارى؟ هل استطاع إفهام تلك البشارة الصريحة و الميثاق الغليظ الذي اشتملت عليه
التوراة و الإنجيل بشأن نبوّة محمّد صلى الله عليه و آله و يجعلهم يذعنون لصحّة ما
يقول؟ و هل استطاع النبي صلى الله عليه و آله أن يخضع كافّة تلك الحكومات الجبّارة
لحكومته و يجعلها تنضوي تحت لواء الإسلام؟ و هذا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب
عليه السلام، أ لم يتزعّم الامّة و يأخذ بزمام الامور؟ أ لم تندفع إليه الجماهير و
تضطرّه لقبول الخلافة؟ و عليه: فقد امتلك الجيش الجرّار و الإمكانات و ما من شأنه
أن يجعل الحكومة تطبّق الأهداف القرآنية