أنّ
الإمام لو كان حيّاً و أصبح زعيماً للمسلمين و دارت القيادة الإسلاميّة حول محوره،
لساد العدل و القسط ربوع العالم الإسلامي، و بالتالي لتحقّقت حكومة العدل التي
نتطلّع إلى تشكيلها من قِبل إمام العصر و الزمان عجّل اللَّه تعالى فرجه الشريف،
فتزول الفرقية الطارئة على الدين و لا تبقى إلّا الطائفة الإمامية الحقّة التي
تمثّل الدين، و حين افترض فقدان الإمام و عدمه ظنّ بأنّ هذا العدم يتضمّن زوال كلّ
شيء بما فيه الإسلام و استفحال الظلم و الجور و الطغيان اليزيدي! و عليه: فيخلص
من خلال الفرضين إلى أنّ شهادة الإمام قد أدّت إلى ضرر عظيم لحق بالإسلام
العزيز. و هنا يكمن الخطأ الذي ارتكبه المؤلّف في إطلاق العنان لخياله في أن يسرح
و يمرح كما يشاء. لنفترض أنّ الحسين عليه السلام قد انتصر- عسكرياً- على يزيد و
تولّى الحكم، فهل ستسود الأحكام الإسلامية و التعاليم القرآنية حقّاً على جميع
أنحاء المعمورة، بحيث يشهد العالم الإسلامي المترامي الأطراف اندحار الجهل و
الاضطراب و الظلم و الفوضى و سيادة العدل و المواساة و المساواة و الأمن و
الاستقرار و ...؟ لا نعتقد بأنّ الأمر كذلك. و بالطبع فإنّ هذا ليس بمتعذّر على
الإمام الحسين عليه السلام في أن يملأ العالم بهذه المفاهيم السامية، إلّا أنّ هذا
الأمل مشروط باندحار الأشقياء و الجهّال و الطغاة و إزالة كافّة العراقيل التي
تعترض سبيل الإمام، و لا نرى لحدّ الآن مَن تمكّن من مثل هؤلاء الزعماء من اجتثاث
جذور الظلم و الجور و إبادة صروح الجهل و الحمق و تطهير المجتمع من دنس الأرذال و
الأوباش و الأشقياء و إخضاعهم لمنطقهم و سلطنتهم. فأيّ من أنبياء اللَّه طبّق مثل
هذه المفاهيم و الأهداف؟ هل استطاع موسى عليه السلام بيده البيضاء و عصاه أن يخلق
من بني إسرائيل مجتمعاً دينياً متطوّراً و يجتثّ جذور الوثنية و السامرية؟ فلم
تجفّ أرجلهم من الماء حتّى طلبوا من موسى عليه السلام أن يجعل