القتل
و الفتك إلى إحراق خيام النساء و سلبهنّ ما عليهنّ، لقد أحبطت حادثة كربلاء في
أوائل أيّامها كافّة دعايات معاوية، كما أفهمت عسكر يزيد أنّ الحسين عليه السلام
ضحيّة شهوات يزيد و الحقد الدفين لعلي عليه السلام. لقد كشفت خطبه ذلك اليوم عن
كمالات الإمام عليه السلام، عن ولايته و إمامته و صلاحيته و زعامته و علمه و
درايته و شجاعته و فصاحته و تضحيته و حقّه، بما لا يدع مجالًا لرواسب دعايات
الجهاز الأموي. و هذا يزيد الذي جيّش الجيوش و شقّ وحدة الامّة الإسلامية في قتاله
للحسين عليه السلام! بحيث اندفع البعض لقتاله و هو «يتقرّب إلى اللَّه بدمه»!
إلّا أنّ نفس الحادثة و الخطابات الحماسية للإمام أزالت الإبهام و الغموض و أوضحت
الأمر، بما جعل بعض عسكر يزيد يلتحق بركب الإمام، و يرتفع صوت البعض الآخر
بالاعتراض و الاستنكار. لقد أثبت الحسين عليه السلام في ذلك اليوم أنّ الباغي هو
يزيد، كان لا ينفكّ عن إيراد خطبه و كلماته التي عرّت التيار الأموي و كشفت زيفه
للناس، الذين ليس لهم سبيل سوى تصديق ما كان يقوله الإمام. لقد اذعن العدوّ لصحّة
ما أورده الإمام عليه السلام: «إنّ عليّاً كان أوّلهم إسلاماً، و أعلمهم علماً، و
أعظمهم حلماً، و أنّه وليّ كلّ مؤمن و مؤمنة»
[1]. و هو الذي هتف عالياً أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله قال:
«الحسن و الحسين سيّدا شباب أهل الجنّة» [2]. و أخيراً هو الذي جعل العدوّ يشهد بأنّ حسيناً إنّما يقتل ثأراً من
علي عليه السلام و هو الذي جعل الحرّ بن يزيد الرياحي يعيش الخيار بين الجنّة و
النار فيلتحق بركب الحسين عليه السلام.
[1] الأمالي للصدوق: 223 مجلس 30 قطعة من ح 239،
و عنه بحار الأنوار 44: 318 قطعة من ح 1.
[2] مسند أحمد بن حنبل 4: 8 ح 10999 و ص 125 ح
11954 و ص 129 ح 11618.