أنّ
المراد المعنى الحقيقي للشهادة أم المعنى المجازي بمعنى التعرّض للشهادة؟ فيوجد
أصل مسلّم يسمّى أصالة الحقيقة حيث يعيّن و يشخّص المعنى الحقيقي، ناهيك عن عدم
صحة صرف الكلمة إلى المعنى المجازي دون وجود علاقة، و العلاقة التي يمكن تصوّرها
هنا هي علاقة المشارفة، و علاقة المشارفة تكون في الموارد التي يكون تحقّقها شيئاً
قطعياً تقريباً. و لا تطلق علاقة المشارفة على الأشياء التي يكون وقوعها على نحو
الاحتمال. و عليه فليس هنالك من دليل على صحّة استعمال «استشهد» بمعنى التعرّض
للشهادة و احتمالها.
دليل
آخر:
لو
كانت «استشهد» بمعنى احتمال الشهادة لكانت عبارة الإمام توضيحاً للواضح؛ لأنّ
احتمال الشهادة قائم بالنسبة لكلّ فرد يقوم ضدّ الحكومة الظالمة و الحاكم الغاشم،
و يهدف إلى الإطاحة بالحكومة و إنشاء الحكومة الإسلامية، و لأنّ مثل هذا القيام
إنّما يصحبه صِدام عسكري يؤدّي إلى حالة القتل و الاقتتال. إذن، فلو كانت
«استشهد» بمعنى إمكانية الشهادة، فهذا المعنى ليس بخافٍ على محمّد بن الحنفية و
بني هاشم و لا يحتاج إلى تذكير الإمام، و عليه: فليس أمامنا من سبيل سوى القول
بأنّ «استشهد» إنّما تعني الشهادة الحتمية، و الإخبار الذي صدر عن الإمام عليه
السلام كان إخباراً عن أمر مخفي و مصير مجهول. 2- ما ذا نفهم من العبارة «مَن لحق
بي استشهد». هل المراد أن كلّ من يلحق بنا يُقتل؟ أم أنّ العبارة إخبار بشهادة قوم
على الخصوص؟ لا يمكننا أن نقبل الاحتمال الأوّل، و ذلك للأسباب التالية: 1- لو
كان الأمر كذلك فلو افترضنا التحاق جميع أهل المدينة و مكّة و الكوفة