بكافّة
الصفات و الشرائط اللازمة لإمامة الامّة، و في مقدّمة هذه الشرائط العلم و الإحاطة
التامّة بكافّة الموضوعات و الحوادث و الوقائع ذات الصلة بحياة الامّة الإسلامية و
سبل سعادتها و فلاحها. و من هنا يتبيّن أنّ هؤلاء الزعماء- المتمثّلين بالأئمّة
الأطهار عليهم السلام- لا بدّ أن يكونوا عالمين بجميع خفايا الحوادث و الامور
المتعلّقة بمصير الإسلام و المسلمين، و اللَّه سبحانه هو الذي يفيض عليهم- برحمته-
هذه العلوم. 4- لم تكن نهضة أمير المؤمنين و الحسن و الحسين عليهم السلام نهضة
قائمة على أساس الجبر و الاضطرار، و لم يخوضوا المعارك مرغمين، بل كلّ ذلك يجري
وفق خطّة مدروسة معلومة سلفاً، و قد قلّدهم رسول اللَّه صلى الله عليه و آله هذه
المسئولية، إلى جانب اطّلاعهم على التفاصيل. و عليه: فالقيام وظيفة لبعضهم، قد
حمّلهم إيّاها رسول اللَّه صلى الله عليه و آله عن البارئ سبحانه و تعالى، و ذلك
لأنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: ما يَنْطِقُ
عَنِ الْهَوى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى[1] فمن قام من الأئمّة عليهم السلام كان عالماً بعواقب الأمر غير
متفاجئ بها، و قد كلّف بهذه الوظيفة رغم علمه بما ستجرّه عليه من مصائب و ويلات، و
لم يتحمّلوا هذه الحوادث المريرة إكراهاً، بل كانوا مُختارين في أصل نهضتهم و
تحمّل تبعاتها، و هم يرون الشهادة كمالًا لهم تجعلهم يقتفون أثر رسول اللَّه صلى
الله عليه و آله في السموّ و التكامل و بلوغ ذروة الإنسانية. و الآن نطرح هذا
السؤال: أ و ليس الإمام الحسين عليه السلام هو أحد هؤلاء الزعماء؟
فقد
عدّه الحديث السابق في مصافّ أمير المؤمنين و سائر الأئمّة عليهم السلام، أولم تكن
كربلاء من الحوادث المرتبطة بمصير الإسلام و المسلمين؟ إذن، فبنصّ الحديث لا بدّ
أن يكون الإمام عالماً بكافّة تفاصيل حادثة كربلاء، و بنصّ الحديث فإنّ قيام
الإمام يستند إلى علم سابق، ذكره رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و كلّف به
الإمام عليه السلام. و هذا غير ما