الصفوة،
لا إلى عدم العلم بحوادث التأريخ. و كأنّ السائل أراد بالسؤال أن يشير إلى علّة
الضعف التي أفرزتها افتقار الزعامة لمقوّماتها و شرائطها. و عوداً على بدء فقد
اتّضح أيضاً أنّ الإمام بصفته الزعيم الأبدي، عالم بكافّة الوقائع و الحقائق و
الأسرار و السير نحو الجمال و الكمال. و هنا لا بدّ من الإذعان بأنّ بصيرتهم هي
عين الواقع التي تأبى الخطأ و الانحراف، فقد شعّت أنوار قلوبهم باللَّه نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ
الذي لم يجعل للظلمة من سبيل إلى قلوبهم، فقد طهرت حتّى لم تتمكّن هذه الحُجب من
الوقوف بوجهها. و اتّضح أيضاً بأنّ الإمام طالما كان الحاكم الإسلامي و الزعيم
المطلق؛ فإنّ حكومته متقوّمة بالغيب الذي يشمل حتّى الحوادث الشخصية البسيطة، كما
تبيّن أنّ الكتاب السماوي- القرآن- قد استودعه اللَّه الأئمّة ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ
عِبادِنا. و قد تكفّل القرآن ببيان أنّ المراد من هذا الإرث هو استنارة قلوب
الأئمّة بنور القرآن: قُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً
بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ[1]، و قد قال الإمام الصادق عليه السلام:
«و عندنا و اللَّه علم الكتاب كلّه» [2]، كما فهمنا أنّ آصف بن برخيا بنصّ الآية الكريمة قد أوتي بعض العلم
بالكتاب، فانطوى على تلك القدرة و القوّة العلمية، فما بالك بمن اوتي العلم
بالكتاب كلّه! في حين لا زال البعض يعيش القلق الفكري و يتساءل: هل يتجاوز علم
الإمام حدّ استنباط آيات الأحكام؟ و أخيراً وقفنا على إحاطتهم بأعمال العباد، و
أنّه لا يعزب عن علمهم مثقال ذرّة من تلك الأفعال، و أنّهم الشهداء على الناس يوم
القيامة في محكمة العدل «فمن