تقدّم؛
فإنّ اللَّه هو الذي أنزل القرآن و تكفّل بحفظه، فهو لن يصبح كتاباً عادياً أبداً؟
و نقول في الجواب: إنّ الإسلام لا يتّجه إلى الضعف و الافول لو كان الأئمّة
الأطهار عليهم السلام هم الذين ينهضون بالأمر، فهم عالمون بصيرون، و هدايتهم- لو
امتثلت- فسوف تؤدّي إلى قوّة شوكة الإسلام و المسلمين، غير أنّ الخطّة التي رسمها
القرآن الحكيم لم تطبَّق، و انحطاط المسلمين كان نتيجة طبيعية لتنحية أولئك
الزعماء، و هذا ما أرادت أن تُشير إليه الآية في أنّ هذا الضعف ناشئ عن إقصاء
الأئمّة، و أنّ الإسلام سيستعيد قوّته مستقبلًا، و هذا لا يتسنّى إلّا في ظلّ
حكومة أتقياء الدهر و على رأسهم إمام العصر و الزمان- أرواحنا و أرواح العالمين له
الفداء- الذي سيبعث الحياة من جديد حين تكون السيادة في حكومته للقرآن و تعاليمه
الحقّة، ستكون الدنيا آنذاك متعطّشة لحكومة العدل القرآني، و التفاصيل في المجلّد
الثاني.
أمير
المؤمنين عليه السلام و الآية الكريمة:
قال
علي عليه السلام «لتعطفنّ الدنيا علينا بعد شماسها عطف الضروس على ولدها»، و تلا
عقب ذلك وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ ...[1]. لقد أبان الإمام بهذه العبارة منزلة
الإمام، كما أفصح عن دافع ظهور حكومة العدل القرآني، في حين اتّضحت دلالة الآية في
حلول اليوم الذي سيشهد حاكمية الإسلام بزعامة الإمام. ما أشقى الامّة حين ولّت
ظهرها لهذه الصفوة و أبعدتها عن الزعامة! و لكن سوف لن يكون بوسعها إقصاء مُعزّها
الذي سيأخذ بيدها و يفيض عليها بركات الدنيا و الآخرة حين تعلن وفاءها و وقوفها
إلى جانبه. نعم، انحطاط المسلمين كان معلولًا لعدم انصياعهم لزعامة أولياء اللَّه
من تلك