بالاعتقاد
بعلم الإمام للغيب حتّى رآه أفضل من النبي صلى الله عليه و آله و بلغوا به حدّ
الأُلوهية، على الرغم من أنّ محور الإمامة كان يهدف إلى تحقيق التوحيد و إيصال
الأُمّة إلى العبودية الحقّة، فالإمام يمثّل العبودية الخالصة للَّه، و جلّ سعيه
هو ربط الأُمّة بمعبودها الأوحد و تطهيرها ممّا علق بها من الأوهام و الخرافات، و
إلّا فلو قدر للُامّة أن تضلّ طريقها في تعاملها مع الإمام فإنّ جهوده ستذهب أدراج
الرياح، و هو الأمر الذي يأخذ مأخذه من الإمام و يجعل الغضب و التوتّر يسيطر على
جميع كيانه، فيبدو أنّ دافع الإمام من نفيه لعلم الغيب عن نفسه و حصره بالقادر العليم،
إنّما يهدف إلى تثبيت الهدف المقدّس المُتبلور في التوحيد و إزالة الأفكار
المنحرفة تجاه شخصية الإمام. و لم يكن هناك من سبيل أمام الإمام سوى التنازل عن
واقعه ليعلم الجميع بأنّ الإمام الصادق عليه السلام إنسان كسائر الناس الذين نشئوا
و ترعرعوا في المدينة، فهو ليس بملك هبط من السماء أو عيسى عليه السلام الذي حلّ
فيه روح القدس ليصبح ابن اللَّه!!! و قد اعتمد الإمام الأسلوب العلمي في سبيل
تهذيب أفكار الأُمّة، فينفي عن نفسه العلم بالغيب و يقتصر بهذا الأمر على اللَّه
تبارك و تعالى. و الأمر ليس ببدعة فهو يقتدي بالأُسلوب الذي نهجه القرآن، الذي
يقتصر علم الغيب بذات اللَّه تعالى، بينما يتوصّل إليه النبي صلى الله عليه و آله
من خلال الوحي، و الإمام من خلال تعليم الرسول له إلى جانب الإلهامات الربانيّة و
الفيوضات الرحمانية التي توصله إليه. و لا يستبعد أن يكون الإمام قد استهلّ كلماته
بنفي علم الغيب الذاتي تقيّة، في حين أوكل الحديث عن علمه بالغيب العرضي إلى
مجلسه الذي يضمّ خواصّه و حملة أسراره، فقد كشف لهم النقاب عن مدى علمه و قدرته،
ثمّ يسند ذلك لعلمه بالكتاب، و من المفروغ منه أنّ العلم بالكتاب لا يتسنّى دون
المعلّم.