فإنّ المراد بغسل الذراع قبل الوجه هو وقوعه قبل غسل الوجه
حقيقة؛ بمعنى أنّه قد غسل الوجه- أيضاً متأخّراً عن غسل الذراع، و التعبير بالبدأة
بالوجه لا ينافي ذلك، فإنّ الغرض منه هو بيان أنّ المعتبر في الوضوء أن يبدأ
بالوجه قبل سائر الأعضاء حقيقة، لا مجرّد وقوعه قبل غسل الذراع حتّى يقال: إنّ
إعادة غسل الذراع توجب تحقّق القبليّة
[1]، و يؤيّده الأخبار الكثيرة الواردة فيمن بدأ
في السعي بالمرْوة دون الصفا، فإنّه قد حكم فيها بوجوب طرح المقدار الذي سعى و
البدأة بالصفا [2]، فلو كان المراد من البدأة هي مجرّد القبليّة، لما كان وجه لبطلان جميع
الأشواط، كما لا يخفى.
و بالجملة فدلالة الرواية على وجوب إعادة المتقدّم ممّا لا
مجال للمناقشة فيها.
و منها: ذيل موثّقة أبي بصير المتقدّمة؛ حيث قال (عليه
السّلام)
إن بدأت بذراعك الأيسر قبل الأيمن، فأعد على غسل الأيمن
ثمّ اغسل اليسار [3].
فإنّ التعبير بالإعادة ظاهر في أنّه غسل الأيمن أوّلًا، و
قد حكم بوجوب غسله ثانياً.
[2] الكافي 4: 437/
5، تهذيب الأحكام 5: 151/ 495، و 153/ 503، و 472/ 1659، الاستبصار 2: 240/ 836،
وسائل الشيعة 13: 487، كتاب الحجّ، أبواب السعي، الباب 10، الحديث 1 و 2 و 3.