لم يبيّنها المولى لكان نقضاً لغرضه، و في أمثال المقام ممّا يكون المطلق
ملازماً للقيد؛ بحيث لا يمكن الانفكاك بينهما أصلًا، فلا يجوز التمسّك بإطلاقه
لنفي اعتبار القيد؛ إذ لا يترتّب على عدم البيان نقض للغرض، كما لا يخفى.
و حينئذٍ فلا يجوز التمسّك بإطلاق زوال التغيّر لنفي اعتبار
الامتزاج، مع كون زوال التغيّر مسبَّباً عادة عن الامتزاج بعد النزح.
و بعبارة اخرى: النزح مقدّمة لتحقّق شيئين: طيب الطعم و ذهاب الريح،
و حصول الامتزاج، و في الرواية قد اكتفى بذكر الأوّل؛ لكون الثاني ملازماً له
عادة [1].
و يمكن أن يوجّه ذلك القول بوجه لا يرد عليه شيء: و هو أنّ صدر
الرواية قد عُلِّق الحكم بالنجاسة فيه على مجرّد التغيّر، ثمّ ذكر ما يوجب
ارتفاعها، و هو حصول طيب الطعم و ذهاب الريح، الذي هو عبارة أُخرى عن زوال
التغيّر.
فمدلولها دوران الطهارة و النجاسة مدار التغيّر و زواله، فالمتبادر
منها عند أهل العرف، هو كون التغيّر علّة تامّة لحصول النجاسة ترتفع عند زواله، و
إن كان المحتمل عند العقل أن يكون التغيّر واسطة في ثبوت النجاسة، لا في عروضها
حتّى يكون الأمر دائراً مدار وجوده و عدمه، و حينئذٍ فلا يكون مجرّد زواله موجباً
لارتفاع النجاسة و لكن المتبادر عند العرف من مثل هذا الكلام الذي عُلِّق الحكم
فيه على شيء و ارتفاعه على زواله، مع احتمال أن لا يكون مجرّد زواله موجباً
لارتفاعه دوران الحكم وجوداً و عدماً مدار وجود ذلك الشيء و عدمه.