لا يخفى أنّ هذا المعنى ممّا لا يمكن الالتزام به؛ لأنّ
الترك أمر عدمي، و العدم ليس بشيء حتّى ينطبق عليه عنوان و يتّحد معه أو يلازمه
شيء، فإنّ ذلك من الامور المعروضة للموجودات، و العدم ليس منها.
و الذي يمكن أن يقال في حلّ الإشكال: إنّ المستفاد من الأخبار أنّ كراهة صوم يوم العاشور إنّما
هي لكونه تشبّهاً ببني اميّة و بني مروان لعنهم اللَّه جميعاً، حيث إنّهم يتبرّكون
بهذا اليوم و يعاملون معه معاملة الأعياد و يصومون فيه تبرّكاً به، بل لعلّه كان
من أعظم الأعياد، كما يشعر بذلك بعض الأخبار، فالنهي إنّما يكون متعلّقاً بالتشبّه
بهم في الأعمال التي كانوا يعملونها في ذلك اليوم لأجل التبرّك به و منها: الصوم،
فتعلّق النهي التنزيهي به إنّما هو لكونه مصداقاً للتشبّه بهم، و من المعلوم أنّ
نسبة عنوان التشبّه إلى طبيعة الصوم- التي تكون مطلوبةً في كلّ زمان و متعلّقةً
للأمر الوجوبي أو الاستحبابي في جميع الأيام عدا العيدين- نسبة العموم و الخصوص من
وجه، و قد عرفت أنّ مقتضى التحقيق جواز الاجتماع فيه، فكون طبيعة الصوم مأموراً
بها لا ينافي تعلّق النهي بعنوان التشبّه بهم، الذي ربّما يجتمع معها في الوجود
الخارجي، و نظير هذا المعنى يمكن أن يقال في النوافل المبتدأة في بعض الأوقات، فتدبّر.
و أمّا القسم الثاني فجوابه ما أفاد في الكفاية ممّا
ملخّصه: كون النهي إرشاداً إلى ترك إيجاد الصلاة مع خصوصيّة كونها في الحمّام
لحصول منقصة فيها معها، كما أنّ الأمر بالصلاة في المسجد إرشاد إلى إيجادها فيه؛
لحصول مزيّة فيها معه، و مَنْ أراد التفصيل فليرجع إلى الكفاية [1].