فتأخّر
السنخيّة بحسب الوجود عن المسائل التي هي متأخّرة عن الغرض بوجوده في ذهن المدوّن
لا يستلزم كون التمايز بتمايز الأغراض الداعية إلى التدوين، بل التمايز
بالسنخيّة، لأنّها كاشفة عن الأغراض.
فإذا
شككتم في مسألة أنّها هل هي من مسائل النحو مثلًا أم لا؟
فاعرضوها
على المسائل النحويّة المعلومة، فإن رأيتموها مسانخة لها فهي مسألة نحويّة، وإلّا
فلا.
ولا
يخفى عليك أنّه لا دخل لقلّة المسائل وكثرتها في وجود السنخيّة بينها، فإنّ مسائل
علم النحو مثلًا متسانخة، سواء كانت ثلاثاً أو ثلاثة آلاف.
بخلاف
الجامع بين الموضوعات الذي قال المشهور بكونه ملاك التمايز، أو المحمولات الذي قال
استاذنا البروجردي رحمه الله بكونه ملاكه، فإنّ لدخول المسائل المشكوكة في العلم
وخروجها عنه دخلًا في الجامع المنتزع كما عرفت
[1] سابقاً.
فالحقّ
بعد ملاحظة جميع الأبحاث المتقدِّمة في مسألة تمايز العلوم هو ما ذهب إليه الإمام «مدّ ظلّه»، لسلامته من الإشكال، ثمّ
ما ذهب إليه المحقّق الخراساني رحمه الله من كون التمايز بتمايز الأغراض، لأنّ ما
يرد عليه من الإشكال أقلّ ممّا يرد على سائر الأقوال.