و
إن كان ناسياً، للفرق بأنّ الحافر في المثال إنّما هو الفاعل للسبب و إن كان قد
نسيه، و في المقام لم يتحقّق من المقدِّم مثله، بل وقع عمل مقرون بالجهل ليس
استناد القتل إليه بأولى من الاستناد إلى التناول الذي هو عمل الآكل كما عرفت.
و
دعوى أنّ هذه الصورة خارجة عن مفروض كلام المحقّق الأردبيلي؛ لأنّ المفروض في
كلامه صورة الجهل بأحد الأمرين و هذه صورة الجهل بكليهما، مدفوعة بأنّ الظاهر أنّ
مراده الجهل بأحد الأمرين أو كليهما، و إلّا يلزم عدم اشتمال كلامه على التعرّض
لهذه الصورة بعد التعرّض لصورة العلم بهما و صورة الجهل بأحدهما. و بعبارة أُخرى
ظاهر كلامه أنّ المراد بالجهل هو ما يقابل صورة العلم بكلا الأمرين، فيشمل كلتا
الصورتين، فتدبّر.
و
أمّا ما تثبت فيه الدية فهو غير الفرضين اللّذين ذكرنا، كما إذا جهل بكون السمّ في
الطعام مؤثِّراً في القتل، و لم يكن قاصداً للقتل أيضاً، فإنّ الظاهر فيه ثبوت
الدية، كما لا يخفى.
الفرع
الثاني: ما لو قال المقدِّم كذباً أي مع علمه بخلافه أنّ فيه سمّاً غير قاتل
و فيه علاج لكذا، فأكله فمات. و قد حكم في المتن بثبوت القصاص عليه، و الوجه فيه
هو الوجه في ثبوته في المسألة السادسة عشر، و هو ضعف المباشرة بسبب الغرور الناشئ
عن التقديم المقرون بإظهار الكذب، و إعلام أنّ فيه سمّاً غير قاتل، مع علمه بكونه
قاتلًا غالباً، و ليس مجرّد الإعلام بثبوت السمّ فيه رافعاً لاستناد القتل إليه
عمداً، بعد توصيفه بأنّه مداو و معالج، و لا يتحقّق فيه وصف القاتلية بوجه.
و
بالجملة: اسناد القتل إليه عند العقلاء و كذا كونه من مصاديق قتل العمد ممّا
لا خفاء فيه أصلًا.