الحكم
بعدم جواز الهبة متفرعاً على كون أصحاب الدين هم الخصماء للقاتل، و من الواضح
اقتضاؤه لعدم جواز الاقتصاص من دون ضمان أيضاً، لأنّه لا فرق بين الهبة و الاقتصاص
من هذه الجهة، فمقتضى الرواية حينئذٍ عدم جواز الاقتصاص المزبور، و عليه فيتّحد
النقلان في الدلالة على هذا الأمر، غاية الأمر أن دلالة الأوّل إنّما هي بالصراحة،
و دلالة الثاني بإلغاء الخصوصية و ثبوت المناط.
نعم
تعارضهما رواية علي بن أبي حمزة، عن أبي الحسن موسى (عليه السّلام) قال: قلت له:
جعلت فداك رجل قتل رجلًا متعمّداً أو خطأ و عليه دين و ليس له مال، و أراد أولياؤه
أن يهبوا دمه للقاتل؟ قال: إن وهبوا دمه ضمنوا ديته، فقلت: إن هم أرادوا قتله؟
قال: إن قتل عمداً قتل قاتله و ادّى عنه الإمام الدِّين من سهم الغارمين، قلت:
فإنّه قتل عمداً و صالح أولياؤه قاتله على الدية، فعلى من الدين، على أوليائه من
الدية أو على إمام المسلمين؟ فقال: بل يؤدّوا دينه من ديته التي صالحوا عليها
أولياؤه، فإنّه أحقّ بديته من غيره [1].
و
لكن حيث أنّ الأولتين صحيحتان، و هذه الرواية ضعيفة فلا مجال لنهوضها في مقابلهما،
بل اللّازم الأخذ بهما و الحكم بعدم جواز الاقتصاص إلّا بعد الضمان بمقدار الدية،
هذا كلّه في الاقتصاص.
و
أمّا الهبة مجّاناً فالمحكي عن المبسوط أنّه قال: إنّ الذي رواه أصحابنا إنّه لم
يكن لوليّه العفو على غير مال و لا القود، إلّا أن يضمن حقّ الغرماء [2]. و عن أبي علي أنّه قال: لا يجوز
للأولياء العفو إلّا إذا ضمنوا الدية [3].
[1] وسائل الشيعة: 19/ 92، أبواب القصاص في
النفس ب 59 ح 2.