مساعدة
العرف أيضاً، فإنّه لا يقال لمن ضرب الغير بالكفّ مثلًا ضربة واحدة غير مؤثّرة في
القتل نوعاً، و لكن اتّفق موته بسببها على خلاف الغلبة: أنّه تحقّق منه قتل العمد
و أزهق النفس المحترمة عمداً. و قد ذكرنا أنّ ثبوت هذا العنوان في المورد الثالث
إنّما هو بلحاظ عدم انفكاك قصد القتل عن قصد الفعل مع الالتفات إلى كون الآلة
قتّالة، و إن كان مقصوده الأصلي غير القتل، و عليه فالظّاهر أنّ مقتضى القاعدة عدم
تحقّق العمد في المقام.
و
أمّا الروايات، فطائفة منها ظاهرة في ذلك، مثل صحيحة فضل بن عبد الملك المتقدّمة
في المورد الثالث، نظراً إلى قوله: «سألته عن الخطأ الذي فيه الدية و الكفّارة، أ
هو أن يعتمد ضرب رجل و لا يعتمد قتله؟ قال: نعم». فإنّ مقتضاه تحقّق الخطأ الذي
يكون المراد به شبه العمد مع عدم قصد القتل، و عدم كون الآلة قتّالة، كما هو
المفروض في كلام الإمام (عليه السّلام) قبل هذا السؤال و هو الضرب بالحديدة، و كذا
صحيحة أبي العبّاس و زرارة المتقدّمة في المورد الثالث أيضاً، فإنّ قوله (عليه
السّلام): «و الخطأ أن يتعمّده و لا يريد قتله، يقتله بما لا يقتل مثله» ظاهر في
تحقّق الخطأ بالمعنى المذكور مع اجتماع عدم إرادة القتل، و كون الفعل غير مؤثِّر
في القتل نوعاً.
و
كذا صحيحة أُخرى لأبي العباس، عن أبي عبد اللَّه (عليه السّلام) قال: قلت له: أرمي
الرجل بالشيء الذي لا يقتل مثله، قال: هذا خطأ، ثم أخذ حصاة صغيرة فرمى بها، قلت:
أرمي الشاة فأُصيب رجلًا، قال: هذا الخطأ الذي لا شكّ فيه، و العمد الذي يضرب
بالشيء الذي يقتل بمثله [1] فإنّ الظاهر أو القدر المتيقّن من قوله: «أرمي الرجل» هو الرمي
الخالي عن إرادة القتل، فتدلّ الرواية على كونه خطأ.