و
ناقش بعض الأعلام (قدّس سرّه) في الاستدلال بها بعد الاعتراف بصحّة أحد السندين
بقصور الدلالة بما يرجع:
أمّا
أوّلًا: فلأجل أنّه لم يفرض فيها أنّ المال المدفوع إليه كان بعنوان
الإجارة، و من الجائز أن يكون قد بذل للصرف في الحجّ، كما هو متعارف و مذكور في
الروايات [1] أيضاً من غير تمليك و لا عقد إجارة،
بل مجرّد البذل و إجارة الصرف في الحجّ، و من الواضح عدم وجوب الخمس في ذلك، إذ لا
خمس إلّا فيما يملكه الإنسان و يستفيده، و البذل المزبور ليس منه حسب الفرض.
و
أمّا ثانياً: فلقرب دعوى أنّ السؤال ناظر إلى جهة الوجوب الفعلي، إذ لم يسأل أنّه
هل في المال خمس أو لا؟ حتّى يكون ظاهراً في الحكم الوضعي ليلتزم بالاستثناء بل
يقول: هل عليه خمس؟ و لا ريب أنّ كلمة «على» إذا دخلت على الضمير الراجع إلى الشخص
ظاهرة في التكليف دون الوضع، و عليه فلو سلّمنا أنّ الدفع كان بعنوان الإيجار
فالسؤال ناظر إلى وقت الإخراج، و أنّه هل يجب الخمس فعلًا أو بعد العود من الحجّ؟
فجوابه (عليه السّلام) يرجع إلى أنّه ليس عليه ذلك فعلًا، لا أنّ هذا المال لم
يتعلّق به خمس [2].
أقول: لو سلّمنا بالجواب الأوّل و لم نقل بأنّ مقتضى الإطلاق الشمول
للاستئجار أيضاً، بل قلنا بأنّ ظاهره الحجّ البذلي في مقابل الحجّ الاستئجاري فلا
نسلّم بالجواب الثاني، ضرورة أنّه ليس محطّ نظر السائل الحكم الوضعي أو التكليفي
بالنحو الذي أفاده، بل محطّ نظره بعد الفراغ عن تعلّق الخمس أنّ الخمس الذي
[1] وسائل الشيعة 11: 39، كتاب الحجّ، أبواب
وجوبه و شرائطه ب 10.