و
أمّا الواجبات العدميّة، فحيث يكون المقصود فيها الترك، و يكفي في تحقّق الترك
فقدان جزء من أجزاء العلّة التامّة من المقتضي و الشرط و عدم المانع، و لا يلزم
اجتماع أعدام أجزاء العلّة، فحينئذ يشكل الأمر من جهة كفاية فقدان بعض تلك الأجزاء
في تحقّق المعلول من ناحية، و اعتبار قصد التقرّب من ناحية اخرى، بل قد تقرّر في
موضعه أنّه مع انعدام المقتضي و الشرط و وجود المانع يكون انتساب العدم إلى عدم
المقتضي أولى من الانتساب إلى عدم الشرط أو وجود المانع.
و
عليه: فيتحقق الإشكال من هذه الجهة في صحّة الصوم في كثير من الموارد من جهة
اعتبار أن يكون الترك مستندا إلى القربة و داعويّة الأمر، مع أنّا نرى بالوجدان
استناد تحقّق الترك إلى عدم المقتضي أحيانا، فضلا عن عدم الشرط أو وجود المانع،
فمن أكل قرب طلوع الفجر كاملا و شرب كذلك بحيث لم يكن يشتهي الأكل و الشرب عند
الطلوع و بعده و لو بزمان قليل، هل يكون تركه للأكل و الشرب مسبّبا عن عدم المقتضي،
أو يكون بداعي الأمر و قصد التقرّب الذي هو بمنزلة المانع؟ فإن فرض الأوّل يكون
ذلك منافيا لعباديّة الصوم التي لا مجال للمناقشة فيها، و إن فرض الثاني يكون ذلك
خلاف الواقع؛ لفرض عدم الميل إلى مأكول و لا مشروب.
هذا،
مضافا إلى أنّ إيجاد شيء يكون نوعا مع الالتفات و التوجّه إليه، و أمّا تركه فلا
يكون كذلك. و عليه: فربما لا يكون الترك موردا لتوجّهه حتى يقصد فيه القربة.
و
بعبارة اخرى: ترك المفطرات في اللحظات الأوّليّة بعد طلوع الفجر في الفرض المزبور
يكون مستندا إلى عدم المقتضي وجدانا و بلا ريب، لا إلى وجود المانع؛