والمستند
للقول الثاني النبويّ المعروف المتقدّم [1]: خلق اللَّه الماء طهوراً لا ينجّسه شيء إلّاما غيّر لونه، أو
طعمه، أو ريحه؛ فإنّه يدلّ على أنّ طبيعة الماء مجرّدة عن كافّة القيود طاهرة لا
ينجّسها شيء من النجاسات، لا أن يكون التجرّد مأخوذاً في الموضوع، بل حيث إنّه
جعل موضوع الحكم نفس الطبيعة بلا أخذ قيد فيه- مع كون المتكلّم فاعلًا مختاراً-
يستفاد منه أنّ الموضوع نفس الطبيعة، وحينئذٍ فتدلّ الرواية على طهارتها إلى أن
يتغيّر اللون، أو الطعم، أو الريح الثابتة لتلك الطبيعة بسبب الملاقاة مع النجاسة.
وبالجملة:
فالضمير في قوله صلى الله عليه و آله: «إلّا ما غيّر لونه، أو طعمه، أو ريحه» يرجع
إلىماجعل موضوعاً للطهارة؛ وهي نفس طبيعة الماء، فتدلّ الرواية على أنّ الماء لو
تغيّر بعض صفاته الثابتة لطبيعته بسبب الملاقاة يترتّب عليه الحكم بالنجاسة،
فالمناط خروج الماء عن أحد أوصافه الأصليّة الثابتة لطبيعته، وصيرورته معروضاً
لبعض العوارض الخارجيّة.
ومستند
القول الأوّل إطلاق ما يستفاد من بعض الروايات؛ فإنّ ظاهره أنّ المناط تغيّر الماء
عن الحالة التي كان عليها قبل الملاقاة بسببها ولو رجع إلى الحالة الثابتة لنفس
طبيعة الماء؛ فإنّ رواية أبي بصير المتقدّمة
[2] التي سئل فيها عن الماء النقيع تبول فيه الدوابّ ربما يستفاد منها
ذلك؛ نظراً إلى أنّ المياه الواقعة في أطراف المدينة كانت خارجة عن أوصافها
الأصليّة غالباً، لاسيّما مع ملاحظة الحرارة الشديدة وكثرة الحاجة إليها، وحينئذٍ
فلو كان التغيّر