حتّى يضع ربّ العزة فيها قدمه ينزوي بعضها إلى بعضه، وتقول: قط قط. وهذه الأحاديث متفق عليها.[1]
نحن نسأل «ابن تيميّة» و من لفّ لفّه: هل هو يأخذ بظواهر هذه الأحاديث التي لو وردت في حقّ غيره سبحانه لقطعنا بكونه جسماً، كالإنسان له أعضاؤه، أو يترك ظواهرها و يحملها على غيرها؟ فعلى الأوّل يقع في مغبّة التشبيه، و على الثاني يقع في عداد المؤوّلين و هو يتبرّأ منهم.
وأمّا الأخذ بظواهرها لكن بقيد «بلاتكييف» و «لاتشبيه» ـ فمضافاً إلى أنّه لم يرد في النصوص ـ يوجب صيرورة الصفات مجملة غير مفهومة، فإنّ واقعيّة النزول والضحك و وضع القدم،إنّما هي بكيفيتها الخارجيّة، فحذفها يعادل عدمها. فما معنى الاعتقاد بشيء يصير في نهاية المطاف أمراً مجملاً و لغزاً غير مفهوم؟ فهل يجتمع هذا مع بساطة العقيدة و سهولة التكليف التي تتبنّاها السلفيّة في كتبهم؟!
فلو صحّ تصحيح هذه الأحاديث و الصفات الجسمانية بإضافة قولهم «بلاتمثيل» فليصحّ حمل كلّ وصف جسماني عليه بإضافة هذا القيد بأن يقال: اللّه سبحانه جسم لاكهذه الأجسام، له صدر و قلب لاكمثل هذه الصدور و القلوب، إلى غير ذلك مما ينتهي الاعتقاد به إلى نفي الإله الواجب الجامع لصفات الجمال والجلال.
إنّ إقصاء العقل عن ساحة العقائد و تفسير القرآن و الحديث، لايُنتج إلا إجلاسه سبحانه على عرشه فوق السماوات، يقول «ابن قتيبة» ـ المدافع عن الحشوية و أهل الحديث ـ في تفسير قوله:( وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمواتِ وَ الأَرْض)
[1]نفس المصدر:398ـ 399. وسيوافيك آراؤه الشاذة في ص 159ـ 170.