يستندوا إلى دليل يُركن إليه، وإنّما ظنّوا أنّ الجمع كذلك، ومثل هذا الظن لا يُغني من الحق شيئاً.
قال محيي الدين النووي الشافعي: ومنهم من تأوّله على تأخير الأولى إلى آخر وقتها فصلاّها فيه، فلمّا فرغ منها دخلت الثانية، فصلاّها فصارت صلاته صورة جمع.
ثم ردّه وقال: وهذا أيضاً ضعيف أو باطل، لأنّه مخالف للظاهر مخالفة لا تحتمل، وفعل ابن عباس الّذي ذكرناه حين خطب واستدلاله بالحديث لتصويب فعله، وتصديق أبي هريرة له وعدم إنكاره، صريح في ردّ هذا التأويل.[1]
وكان على النووي أن يردّ عليه بما ذكرناه، وهو أنّ الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)جمع بين الصلاتين بغية رفع الحرج عن الأُمّة، والجمع بالنحو المذكور أكثر حرجاً من التفريق.
قال ابن قدامة: إنّ الجمع رخصة، فلوكان على ما ذكروه لكان أشدّ ضيقاً وأعظم حرجاً من الإتيان بكلّ صلاة في وقتها، لأنّ الإتيان بكل صلاة في وقتها أوسع من مراعاة طرفي الوقتين، بحيث لا يبقى من وقت الأُولى إلاّ قدر فعلها.[2]
مفهوم الجمع في عامّة الموارد واحد
وممّا يدل على أنّ الجمع حقيقي هو أنّ المتبادر من الجمع في عامّة
[1] شرح صحيح مسلم: 5 / 225 . [2] المغني: 2 / 114 .