نام کتاب : إثارة التّرغيب والتّشويق إلى المساجد الثّلاثة والبيت العتيق نویسنده : الخوارزمي، محمد بن إسحاق جلد : 1 صفحه : 191
المفاوز ؛ لأن سفر الآخرة أطول ، وعطش حشر القيامة أشد.
وما أحسن كلام
أبى ذر الغفارى ـ رضى الله عنه ـ فى هذا المعنى عند الكعبة : يا أيها الناس ، أنا
جندب بن الغفارى ، هلموا إلى الأخ الناصح الشفيق ، فاكتنفه الناس ، فقال : أرأيتم
أن أحدكم إذا أراد سفرا ؛ أليس يتخذ من الزاد ما يصلحه ، ويبلغه؟ قالوا : بلى. قال
: فسفر طريق القيامة طريق أبعد ما ترون ، فخذوا ما يصلحكم ، قالوا : وما يصلحنا؟
قال : حجوا حجة لعظائم الأمور ، وصوموا يوما شديد الحر لطول النشور ، وصلوا ركعتين
فى سواد الليل لوحشة القبور. كلمة خير يقولها ، أو كلمة شر سكت عنها لوقوف يوم
عظيم. تصدق بمالك لعلك تنجو من عسيرها. اجعل الدنيا مجلسين : مجلسا فى طلب الحلال
، ومجلسا فى طلب الآخرة. والثالث يضرك ولا ينفعك ، لا ترده ، فاجعل المال درهمين :
درهم تنفقه على عيالك من حله. ودرهم تقدمه لآخرتك. والآخر : يضرك ولا ينفعك ؛ لا
ترده.
ثم نادى بأعلى
صوته : يا أيها الناس ، قد قتلكم حرص لا تدركونه أبدا.
وليتذكر تقطع
العقبات والفيافى : عقبات يوم القيامة ، وبالموقف على عرفة العرفات ، لتذكر النفس
تعارف أبينا آدم ، وأمنا حواء ، بل تعارف الأرواح فى الذرّ ؛ حين أخذ الميثاق ،
فيذكر طيب ذلك العيش ، ويذكر وقوفه فى دار جزائه ومسائلته مولاه ، والإقامة فيها
إلى غروب شمس وجود البشريه إلى وجود الحقانية والرجوع من الكل إلى مكون الكل ،
والعبور بين علمى الممثولين ، وحمل حصى الاختصاص ؛ فمن مزدلفة قاب قوسين ، ثم
العزم على المبيت بالمشعر الحرام. قال الله تعالى : (فَإِذا أَفَضْتُمْ
مِنْ عَرَفاتٍ فَاذْكُرُوا اللهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ)[١] ثم الإسراع فى وادى محسّر : الوداد بين القلب والروح ،
والسّر والفؤاد ، والفوز بالتجاوز عن خوف الخيف.