نام کتاب : مفتاح العلوم نویسنده : السّكّاكي جلد : 1 صفحه : 528
النظر في الآية من جانب البلاغة :
أما النظر فيها
من جهة علم البيان وهو : النظر فيما فيها من المجاز والاستعارة ، والكناية وما
يتصل بها فنقول : إنه عزّ سلطانه ، لما أراد أن يبين معنى : أردنا أن نرد ما انفجر
من الأرض إلى بطنها فارتد ، وأن نقطع طوفان السماء فانقطع ، وأن نغيض الماء النازل
من السماء فغاض ، وأن نقضي أمر نوح ، وهو إنجازه ما كنا وعدناه ، من إغراق قومه
فقضي ، وأن نسوي السفينة على الجودي فاستوت ، وأبقينا الظّلمة غرقى ، بني الكلام
على تشبيه المراد بالمأمور الذي لا يتأتى منه ـ لكمال هيبته ـ العصيان وتشبيه
تكوين المراد بالأمر الجزم النافذ في تكون المقصود ، تصويرا لاقتداره العظيم ، وأن
السماوات والأرض ، وهذه الأجرام العظام تابعة لإرادته إيجادا وإعداما ، ولمشيئته
فيها تغييرا وتبديلا ، كأنهما عقلاء مميزون ، قد عرفوه حق معرفته ، وأحاطوا علما
بوجوب الانقياد لأمره ، والإذعان لحكمه ، وتحتم بذلك المجهود عليهم في تحصيل مراده
، وتصوروا مزيد اقتداره ، فعظمت مهابته في نفوسهم ، وضربت سرادقها في أفنية
ضمائرهم ، فكما يلوح لهم إشارته كان المشار إليه مقدما ، وكما يرد عليهم أمره كان
المأمور به متمما ، لا تلقي لإشارته بغير الإمضاء والانقياد ، ولا لأمره بغير
الإذعان والامتثال.
ثم بني على
تشبيهه هذا نظم الكلام ، فقال جل وعلا : (قِيلَ ،) على سبيل المجاز عن الإرادة الواقع بسببها قول القائل ،
وجعل قرينة المجاز الخطاب للجماد وهو : (يا أَرْضُ) ويا سماء ، ثم قال كما ترى : خ خ يا أرض وخ خ يا سماء ،
مخاطبا لهما على سبيل الاستعارة للشبه المذكور ، ثم استعار لغور الماء في الأرض
البلع الذي هو إعمال الجاذبة في المطعوم للشبه بينهما ، وهو الذهاب إلى مقر خفي ،
ثم استعار الماء للغذاء استعارة بالكناية تشبيها له بالغذاء ، لتقوي الأرض بالماء
في الإنبات للزروع والأشجار تقوي الآكل بالطعام ، وجعل قرينة الاستعارة لفظة : (ابْلَعِي ،) لكونها موضوعة للاستعمال في الغذاء دون الماء ، ثم أمر
على سبيل الاستعارة للشبه المقدم ذكره ، وخاطب في الأمر
نام کتاب : مفتاح العلوم نویسنده : السّكّاكي جلد : 1 صفحه : 528