نام کتاب : مفتاح العلوم نویسنده : السّكّاكي جلد : 1 صفحه : 435
(أَنْفِقُوا طَوْعاً
أَوْ كَرْهاً لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ)[١] ، وما شاكل ذلك من لطائف الاعتبارات ، والأمر في باب
التعجب من نحو : أكرم بزيد ، على قول من يقول : إنه بمعنى الخبر ؛ آخذا همزته من
قبيل : ذي كذا ، جاعلا الباء زائدة ، مثلها في : (كَفى بِاللهِ)[٢] [منخرط][٣] في هذا السلك.
ولهذا النوع ،
أعني إخراج الكلام لا على مقتضى الظاهر ، أساليب متفننة ، إذ ما من مقتضى كلام
ظاهري إلّا ولهذا النوع مدخل فيه بجهة من جهات البلاغة ، على ما ننبه على ذلك منذ
اعتنينا بشأن هذه الصناعة ، وترشد إليه تارة بالتصريح ، وتارات بالفحوى ، ولكل من
تلك الأساليب عرق في البلاغة يتسرب من أفانين سحرها ، ولا كالأسلوب الحكيم فيها ،
وهو : تلقي المخاطب بغير ما يترقب ، كما قال [٤] :
أتت تشتكي
عندي مزاولة القرى ...
وقد رأت
الضيفان ينحون منزلي
فقلت كأنّي
ما سمعت كلامها ...
هم الضيف
جدّي في قراهم وعجّلي
أو السائل بغير
ما يتطلب ، كما قال تعالى : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ
الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِ)[٥] قالوا في السؤال : ما بال الهلال يبدو دقيقا مثل الخيط
، ثم يتزايد قليلا قليلا حتى يمتلىء ويستوي ، ثم لا يزال ينقص حتى يعود كما بدا؟
فأجيبوا بما ترى. وكما قال : (يَسْئَلُونَكَ ما ذا
يُنْفِقُونَ قُلْ ما أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ
وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ)[٦] سألوا عن بيان ما ينفقون ، فأجيبوا ببيان