نام کتاب : مفتاح العلوم نویسنده : السّكّاكي جلد : 1 صفحه : 374
حين قال في محل
معفو : (ما عفته الرياح) كان موضع سؤال ، وهو فما إذن عفاه إذن؟ وكذلك قوله [١] :
وقد غرضت من
الدنيا فهل زمني ...
معط حياتي
لغرّ بعد ما غرضا.
جرّبت دهري
وأهليه فما تركت ...
لي التجارب
في ودّ امرىء غرضا
لم يصل"
جربت" بالعطف على" غرضت" بناء على سؤال ينساق إليه معنى البيت
الأول ، وهو : لم تقول هذا ويحك؟ وما الذي اقتضاك أن تطوي عن الحياة ، إلى هذه
الغاية ، كشحك؟ وكذلك قوله عز قائلا : (أُولئِكَ عَلى هُدىً
مِنْ رَبِّهِمْ)[٢] جاء مفصولا عما قبله بطريق الاستئناف ، كأنه قيل : ما
للمتقين الجامعين بين الإيمان بالغيب ، في ضمن إقامة الصلاة ، والإنفاق مما رزقهم
الله تعالى ، وبين الإيمان بالكتب المنزلة ، في ضمن الإيقان بالآخرة ، اختصوا بهدى
لا يكتنه كنهه ، ولا يقادر قدره ، مقولا في حقهم (هُدىً
لِلْمُتَّقِينَ* الَّذِينَ ،) والذين بتنكير (هدى) ، فأجيب : بأن أولئك الموصوفين غير
مستبعد ولا مستبدع أن يفوزوا دون من عداهم بالهدى عاجلا ، وبالفلاح آجلا.
ولك أن تقدر
تمام الكلام هو : المتقين ، وتقدر السؤال ، ويستأنف الذين يؤمنون بالغيب إلى ساقة
الكلام ، وأنه أدخل في البلاغة لكون الاستئناف على هذا الوجه منطويا على بيان
الموجب ، لاختصاصهم بما اختصوا به ، على نحو ما تقول : أحسنت إلى زيد ، صديقك
القديم ، أهل منك لما فعلت ، ولك أن تخرج الآية عما نحن بصدده ، بأن يجعل الموصول
الأول من توابع" المتقين" إما مجرورا بالوصف ، أو منصوبا
[١]أوردهما الطيبى
في التبيان (١ / ٢١٨) بتحقيقى وعزاهما لأبي العلاء ، والطيبى في شرحه على مشكاة
المصابيح بتحقيقى (١ / ٨٦) وهما لأبي العلاء المعرى في سقط الزند (٢٠٨) ، ومحمد بن
على الجرجانى في الإشارات (١٢٥).