فلذا قلت :
...
موسّطا إن يلتزم ما يلزم
فلا يجوز : «وعمرو زيد قائمان» لتصدر المعطوف ، وفوات توسيطه. ولا «ما أحسن وعمرا زيدا» ، ولا «ما وعمرا أحسن زيدا»؟ لعدم تصرف العامل.
ومثال التقديم الجائز قول ذى الرمة : [من الطويل]
كأنّا على أولاد أحقب لاحها
ورمى السّفا [١] أنفاسها بسهام
جنوب ذوت [٢] عنها التّناهى وأنزلت
بها يوم ذبّاب السّبيب [٣] صيام [٤]
أراد : لاحها جنوب ، ورمى السفا.
ومثله قول الآخر : [من الطويل]
وأنت الغريم لا أظنّ قضاءه
ولا العنزى القارظ الدّهر جائيا [٥]
أراد : لا أظن قضاءه جائيا هو ولا العنزى.
ثم نبهت على عطف الفعل على الفعل بقولى :
وعطفوا فعلا على فعل كـ «من
يجمع ويمنع فهو غير مؤتمن»
ثم نبهت على أن الفعلين المعطوف أحدهما على الآخر لا يكونان إلا متفقين فى الزمان ؛ فلا يعطف ماض على مستقبل ، ولا مستقبل على ماض.
فإن اختلفا فى اللفظ دون الزمان جاز كقوله ـ تعالى ـ : (يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ) [هود : ٩٨] ، وكقوله ـ تعالى ـ : (تَبارَكَ الَّذِي إِنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً) [الفرقان : ١٠] ، وكقول الشاعر : [من الكامل]
ولقد أمرّ على اللّئيم يسبّنى
فمضيت ثمّت قلت لا يعنينى [٦]
[١] السفا : التراب. ينظر : مقاييس اللغة (سفا).
[٢] يقال : ذوى العود : أى ذبل. ينظر : المصباح المنير (ذوى).
[٣] السبيب : شعر الذنب والعرف والناصية. ينظر : القاموس (سبب).
[٤]ينظر : ديوانه ص ١٠٧١ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٤٨٣ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٤٣٢ ، والكتاب ٢ / ٩٩ ـ ١٠٠ ، ولسان العرب (سهم) ، وبلا نسبة فى جمهرة اللغة ص ٨٦٢.
[٥]البيت بلا نسبة فى الأشباه والنظائر ٢ / ٣٤٧ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٤٣٢.
[٦]البيت لرجل من سلول فى الدرر ١ / ٧٨ ، وشرح التصريح ٢ / ١١١ ، وشرح شواهد المغنى ١ / ٣١٠ ، والكتاب ٣ / ٢٤ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٥٨ ، ولشمر بن عمرو الحنفى فى