أحدهما
: مذهب سيبويه :
وهو أن الفصل ضرورة [١]. وذكرا أن سيبويه لم يلتفت إلى المعنى ، وهو كون الضمير
في معنى المفصول بينه وبين عامله بإلا.
الثاني
: مذهب الزجاج :
وهو أن الفصل ليس بضرورة ، لما ذكر من كون الكلام بمعنى إلا.
وأفهم كلامهما
أن الزجاج يجيز الفصل ولا يوجبه ؛ ومن ثم جعل الشيخ القول الأول بتعين الانفصال في
كلام المصنف مذهبا ثالثا [٢].
قال
ابن عصفور : «والصّحيح أنّ
الفصل ضرورة ، إذ لو كان هذا الموضع موضع فصل الضّمير لوجب ألّا يؤتى به [١ / ١٦١]
متّصلا كما لا يجوز ذلك مع إلّا ؛ فقول العرب : إنّما أدافع عن أحسابهم وأمثاله ؛
دليل على أنّه من مواضع الاتّصال وأنّ الانفصال فيه ضرورة» [٣].
وقال
الصفار : «مذهب سيبويه أسدّ ؛ لأنّك تقدر على الاتّصال فلا تفصله
؛ بخلاف إلّا ؛ إذ لا يمكن أن يتّصل بهما ضمير وتكون القرائن تبيّن المحصور ما هو
من فاعل أو مفعول على حسب المواضع» انتهى [٤].
ولا يتجه لي
القول بأنه إذا كان الضمير محصورا بعد إنما لا يتعين انفصاله ؛ فضلا عن أنه لا
يجوز ، لأنّا بالبديهة نعقل الفرق بين قولنا : إنما قام أنا ، وبين قولنا : إنما
قمت. إذ معنى الأول : ما قام إلا أنا ، فالحصر في الفاعل ، ومعنى الثاني : ما فعلت
إلا القيام ، فالحصر في الفعل ، فلا يعلم أن الحصر في الفاعل إلا بانفصال الضمير ،
وسببه : أن إنما لما كانت للحصر كان معناها معنى إلا الواقعة بعد النفي. والمحصور
بإلا يجب تأخره عنها ؛ فيجب إذ ذاك انفصاله إن كان ضميرا متصلا بعامل قبلها ،
فكذلك يجب أن يكون الحال مع إنما. ولو كان الأمر على ما قال ـ