الحضرمي فولدت له
بلالاً ، ومات أسيد عنها ، فاستسقاها ماء فسقته ، ثم وقف ، فقالت له : ألم تشرب
الماء؟! قال : بلى ، فقالت له : إذاً فما وقفك على باب داري؟ فقال لها : ألا
تجيريني ولعلي مكافئك به بعد اليوم ، فقالت له : من أنت؟ قال أنا مسلم بن عقيل غدر
بي أهل مصركم هذا ، فقالت له : أنت مسلم رسول الحسين عليهالسلام؟!
قال : نعم ، فقالت له : ادخل على الرحب والسعة. فدخل دارها وجعلته في بيت لها ، ولمّا
إن جاء إبنها بلال إلى الدار رأى أمه تكثر الدخول والخروج إلى تلك الحجرة ، فسألها
فلم تجيبه حتى ألح عليها ، استحلفته أن لا يخبر أحداً بأمره ، فعاهدها وأقسم لها
أن لا يخبر أحداً ، فقالت : هذا مسلم بن عقيل.
ويروى : إنه لما كان وقت الفجر جاءت
طوعة إلى مسلم بالماء ليتوضأ ، فقالت له : يا مولاي ما رأيتك رقدت هذه الليلة!!
فقال : اعلمي أني رقدت رقدة ورأيت في منامي عمّي أمير المؤمنين وهو يقول : الوحا
الوحا العجل العجل العجل ولا أظن إلّا وهذا اليوم هو آخر أيامي من الدنيا.
وأمّا ابنها بلال فإنّه بات ليلته ينتظر
الصباح ، حتى إذا أصبح خرج من الدار وأقبل إلى قصر الإمارة ، فرأى ابن زياد جالساً
وعنده الأشراف من أهل الكوفة وهو في حديث مسلم ، فجاء وجلس إلى جانب محمد بن
الأشعث وأخبره بخبر مسلم فقال ابن زياد : ما أسرك هذا الغلام؟ فأخبره بمقالته وأن
امه أجارت مسلم بن عقيل في بيتها ، فقال ابن زياد : طوّقوه بطوق من ذهب ، فطوقوه
من حينه بطوق من ذهب والتفت ابن زياد إلى محمد ابن الاشعث وقال له : قم فأتني به
الساعة ؛ فخرج محمد بن الأشعث في سبعين رجل حتى إذا وصلوا الدار خرج إليهم مسلم
وهو يقول :