نام کتاب : تنزيه الأنبياء عمّا نسب إليهم حثالة الأغبياء نویسنده : ابن خمير جلد : 1 صفحه : 119
فتحرك قلبه تحسّرا
على فقد الخلاّن وخراب الأوطان فقال : (أَنَّى يُحْيِي هذِهِ
اللهُ بَعْدَ مَوْتِها) [البقرة : ٢ / ٢٥٩]
يعني كيف تعود هذه البلدة على ما كانت عليه بعد خرابها؟! فاستبعد أن تعود على ما
كانت عليه من نباتها وشجرها وبساتينها ، كما يستبعد النّاس أن تعود البلاد كما
كانت عليه بعد خرابها ، على مجرى العادة.
وهذا من الكلام
المباح الذي يقوله النّاس إذا خربت البلاد وكانوا يعرفونها عامرة من قبل.
وكثيرا ما قيل هذا
في ندب الأطلال الخالية والرسوم البالية ، إلا أنّ أهلّ المراقبة يطلبون بهذه
الأقوال التي كان غيرها أولى منها كما تقدّم.
فإنّ مثل أولئك لا
يستبعدون كائنا في مقدور الله تعالى ، كان معتادا أو غير معتاد ، لما يعلمون من
نفوذ إرادته ، ومضاء أمره ، إذا أراد شيئا فإنّما يقول له كن فيكون.
كما عتب الملائكة
امرأة إبراهيم عليهالسلام حيث قالت : (يا وَيْلَتى أَأَلِدُ
وَأَنَا عَجُوزٌ) [هود : ١١ / ٧٢] ،
فقالوا لها : (أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللهِ) [هود : ١١ / ٧٣].
أي : مثلك يرى في
فعل الله عجبا وأنت صدّيقة!؟.
قال المشايخ [١] : العجب أن لا ترى عجبا ، فإذا لم تر عجبا كنت أنت العجب!.
فلما استبعد
إصلاحها على مجرى العادة أراه الآية في نفسه ، فأماته ثم أحياه بعد مائة سنة ، ثم
أطلعه على ذلك بأن أنشأ له الحمار الذي كان يركبه بعد ما أماته ورمّ حتى صار ترابا
، ثم أنشأه له من التّراب وهو ينظر إليه ، وأبقى عنبه كما كان بعد مائة سنة.
[١] المعنى أنّ
استغراب الأمر العجيب والنظر في كيفيّته وشأنه هو الأمر الطبيعيّ. ومن لم يستغرب
ذلك ، ومن لم يتنبّه ولم يهتمّ فهو مثار العجب (لأنه يكون مقصّرا عن التفاعل مع
الجديد والغريب والمدهش والنّادر وما يخالف المألوف وجري العادة).
نام کتاب : تنزيه الأنبياء عمّا نسب إليهم حثالة الأغبياء نویسنده : ابن خمير جلد : 1 صفحه : 119