responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المجالس السنيّة في مناقب ومناصب العترة النبويّة نویسنده : الأمين، السيد محسن    جلد : 1  صفحه : 87

أجنحة الطير ، فاستبقنا إلى ذي حُسُم فسبقناهم إليه ، وأمر الحسين (ع) بأبنيته فضُربت. وجاء القوم زهاء [١] ألف فارس مع الحرّ بن يزيد التميمي حتّى وقف هو وخيله مقابل الحسين (ع) في حَرّ الظهيرة ، والحسين (ع) وأصحابه معتمّون متقلّدو أسيافهم ، فقال الحسين (ع) لفتيانه : «اسقوا القوم وأرووهم من الماء ، وارشفوا الخيل ترشيفاً» : أي اسقوها قليلاً. فأقبلوا يملؤون القصاع والطساس من الماء ثمّ يدنونها من الفرس ، فإذا عبّ فيها ثلاثاً أو أربعاً أو خمساً عُزلت عنه وسقوا آخر حتّى سقوها عن آخرها. قال علي بن الطعّان المحاربي : كنت مع الحرّ يؤمئذ فجئت في آخر مَن جاء من أصحابه ، فلمّا رأى الحسين (ع) ما بي وبفرسي من العطش ، قال : «أنخ الراوية» : والراوية عندي السّقاء. ثمّ قال (ع) : «يابن الأخ ، أنخ الجمل». فأنخته [٢] ، فقال (ع) : «اشرب». فجعلت كلمّا شربت سال الماء من السّقاء ، فقال الحسين (ع) : «اخنث السّقاء» : أي اعطفه. فلم أدر كيف أفعل ، فقام (ع) فخنثه بيده فشربت وسقيت فرسي. أقول : إنّ هذا لهو غاية الجود ونهاية الكرم ؛ أنْ يسقي الحسين (ع) أعداءه الذين جاؤوا لمحاربته وهم مقدار ألف فارس ، فسقاهم الماء مع خيولهم في تلك الأرض القفراء التي لا ماء فيها ولا كلأ! ولا عجب إذا صدر مثل هذا الجود من الحسين (ع) ، وهو معدن الجود والكرم.

هو البحرُ منْ أيِّ النّواحي أتيتُهُ

فلجَّتُهُ المعروفُ والجودُ ساحلُهْ

ولَو لَمْ يكنْ في كفِّهِ غيرُ نفسِهِ

لجادَ بها فليتَّقِ اللهَ سائلُهْ

ولكن بئسما جزى هؤلاء القوم الحسين (ع) عن سقيه إياهم الماء وإيثارهم على نفسه! فقد كان جزاؤهم منهم أنْ حالوا بينه وبين الماء ، ووضعوا أربعة آلاف على المشرعة ، ومنعوه وأصحابه وعياله وأطفاله أنْ يستقوا من الماء قطرة واحدة ، وذلك قبل قتله (ع) بثلاثة أيّام.

بأبي وغيرِ أبي أميراً ظامياً

منعتْهُ حربٌ منْ ورودِ فُراتِها

حتّى قضَى عَطشاً قتيلَ أراذلٍ

تستحقرُ الشفتانِ ذمَّ صفاتِها


[١] أي قدر.

[٢] الراوية في لسان أهل الحجاز : اسم للجمل الذي يستقى عليه ، وفي لسان العراق : اسم للسقاء الذي فيه الماء ؛ لذلك لَمْ يفهم مراد الحسين (ع) حتّى قال (ع) : «أنخ الجمل». ـ المؤلّف ـ

نام کتاب : المجالس السنيّة في مناقب ومناصب العترة النبويّة نویسنده : الأمين، السيد محسن    جلد : 1  صفحه : 87
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست