نام کتاب : بحوث في المعراج نویسنده : الصدر، السيد علي جلد : 1 صفحه : 46
«وقال ابن زيد : إنما يريد الأنبياء
الذين جمعوا ليلة الإسراء. وهو الظاهر ، لأن من قال بالأول ـ يعني السؤال من أهل
الكتابين التوراة والإنجيل ـ يحتاج أن يقدِّر فيه محذوفاً ، وتقديره : واسأل أمم
من أرسلنا من قبلك» [١].
الآية الثالثة :
قوله جلَّ شأنه في سورة النجم : الآيات
٥ ـ ١٨ :
(عَلَّمَه شديد
القُوَى * ذو مِرّة فاستَوَى * وهو بالأُفُق الأعلى * ثم دَنا فَتَدَلَّى * فكان
قابَ قَوسَين أو أدنَى * فأوحى إلى عبده ما أوحى * ما كَذَبَ الفؤاد ما رأى *
أفَتُمارونَه على ما يَرَى * ولقد رآه نَزلَةً أخرى * عند سِدرَة المُنتَهى *
عندها جنَّة المأوَى * إذ يَغشَى السِدرَة ما يَغشَى * ما زاغَ البصر وما طَغَى *
لقد رأى مِن آيات ربه الكُبرى).
وهذه الآيات المباركة تُبيِّن المعراج
بكلِّ وضوح وظهور؛ فإنها بعد القسم بتزكية الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله
وتصديقه ، والتصريح في الآية السابقة بأن نطقه وكلامه ليس إلا من كلام الله ووحيه
، وأنه صلى الله عليه وآله ما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ، بيَّن بعد ذلك
من فضائله أنه صلى الله عليه وآله «عَلَّمَه شديد القُوى» ، أي علَّم الرسول من هو
شديد القُوى في نفسه وعلمه ، والقُوى جمع القوَّة وهي القدرة.
وقد فسَّر القمي «شديد القوى» بالله
تعالى [٢] ، وفسَّره الآخرون
بجبرئيل. قال في المقتنيات بعد تفسيره بملك شديد قواه وهو جبرئيل : «ويكفيك دليلاً
على شدة قواه أنه قطع قُرى قوم لوط من الماء الأسود تحت الثرى ، وحملها على جناحه
ورفعها إلى السماء حتى سمع أهل السماء نباح الكلاب وصياح الديكة ، ثم قلَّبها.