نام کتاب : دراسات تاريخيّة من القرآن الكريم نویسنده : محمد بيومي مهران جلد : 1 صفحه : 400
دور المنفذ لما ارتآه مليكه ، على أن المعروف تاريخيا أن أبرهة إنما نظم
هذه الحملة من حيث هو حاكم مستقل ، فضلا عن أن السبب الذي قدمه القرطبي ، لا أظنه
بكاف لأن يدفع النجاشي بقوات الحبشة إلى مكة ، ثم ما هي الصلة بين حرق بيعة في
الحبشة بدون قصد ، وبين حملة أبرهة على مكة ، حتى لو افترضنا أن رواية القرطبي
صحيحة ، ثم أليس في الإمكان أن يعاقب الجناة هناك في الحبشة ، بل أما كان في
الإمكان منع تجار قريش من النزول بأرض النجاشي والاتجار فيها ، لكن أن يكون العقاب
هو هدم الكعبة ، فلا أظن أن وراء ذلك أسبابا أخرى ، فما كانت سياسة الدول تدار
بهذه الطريقة ، ولن تكون.
وأما الرواية
التي ذهبت إلى أن الحملة إنما كانت لأن بني كنانة قتلوا «محمد بن خزاعي» الذي
اختاره أبرهة واليا على مضر من قبله ، كما فعل نفس الشيء من قبل مع معد ، فربما
كانت أقرب من غيرها إلى الصواب ، لأن قتل محمد هذا ، يتعارض تماما وما يريده أبرهة
من فرض نفوذه على مضر ، فالهدف إذن لم يكن هدم الكعبة لذاتها ، بقدر ما كان رمزا
لفرض النفوذ الحبشي على الحجاز ، بعد أن تمت السيطرة على اليمن ، وفرض نفوذ أبرهة
على معد.
أضف إلى ذلك أن
هناك بعض الملاحظات على هذه الروايات بصفة عامة ، منها ذلك الخلاف بين الروايات
العربية في أسباب الحملة ، ومنها قصة أبي رغال ، والتي تكررت ـ كما أشرنا من قبل ـ
في قصة ثمود قوم صالح عليهالسلام ، ومنها ذلك الحديث الذي همس به «نفيل بن حبيب الخثعمي»
في أذن الفيل ، ومنها ذلك الحديث الذي دار بين مسعود بن معتب سيد ثقيف وبين قائد
الحملة ، والذي يفهم منه أن أبرهة ما كان يعرف طريقه إلى مكة ، فهل يعدّ الرجل ذلك
الجيش الجرار ، دون أن
نام کتاب : دراسات تاريخيّة من القرآن الكريم نویسنده : محمد بيومي مهران جلد : 1 صفحه : 400