ترجيح الصبر
فَرَأَيْتُ أَنَّ الصَّبْرَ عَلَى هَاتا أحْجَى فَصَبَرْتُ وَ في الْعَيْنِ قَذىً، وَ في الْحَلْقِ شَجاً أَرَى تُراثي نَهْباً.
حَتَّى مَضَى الْأَوَّلُ لِسَبيلِهِ، فَأَدْلَى بِها إِلَى فُلانٍ بَعْدَهُ (ثُمَّ تَمَثَّلَ بِقَوْلِ الْأَعْشَى).
شَتّانَ مَا يَوْمِي عَلَى كُورِهَا
وَ يَوْمُ حَيَّانَ أَخِي جَابِرِ
فَيَاعَجَبا!! بَيْنا هُوَ يَسْتَقِيلُها في حَياتِهِ إِذْ عَقَدَهَا لِآخَرَ بَعْدَ وَفاتِهِ- لَشَدَّ مَا تَشَطَّرَا ضَرْعَيْها!- فصيّرها في حَوْزَةٍ خَشْنَاءَ يَغْلُظُ كَلْمُها، وَ يَخْشُنُ مَسُّها، وَ يَكْثُرُ الْعِثَارُ فِيها، وَ الْاعْتِذَارُ مِنْهَا، فَصَاحِبُها كَرَاكِبِ الصَّعْبَةِ إِنْ أَشْنَقَ لَها خَرَمَ، وَ إِنْ أَسْلَسَ لَهَا تَقَحَّمَ، فَمُني النَّاسُ لَعَمْرُ اللَّهِ- بِخَبْطٍ وَ شِماسٍ وَ تَلَوُّنٍ وَاعْتِرَاضٍ؛ فَصَبَرْتُ عَلَى طُولِ الْمُدَّةِ، وَ شِدَّةِ الِمحْنَةِ.
حَتَّى إِذَا مَضَى لسَبيله جَعَلَهَا فِي جَمَاعَةٍ زَعَمَ أَنّي أَحَدُهُمْ، فَيَاللَّهِ وَ لِلشُّورَى! مَتَى اعْتَرَضَ الرَّيْبُ فِيَّ مَعَ الْأَوَّلِ مِنْهُمْ، حَتَّى صِرْتُ أُقْرَنُ إِلَى هذِهِ النَّظَائِرِ!! لكِنّي أَسْفَفْتُ إذْ أسَفُّوا وَ طِرْتُ إذْ طَارُوا؛ فَصَغَى رَجُلٌ مِنْهُمْ لِضغْنِهِ وَ مَالَ الْآخَرُ لِصِهْرِهِ مَعَ هَنٍ وَهَنٍ إِلَى أَنْ قامَ ثالِثُ الْقَوْمِ نافِجاً حِضْنَيْهِ بَيْنَ نَثِيلِهِ وَ مُعْتَلَفِهِ، وَ قَامَ مَعَهُ بَنُو أَبِيهِ يَخْضَمُونَ مَالَ اللَّهِ خِضْمَة الْإِبِلِ نِبْتَةَ الرَّبِيعِ إِلَى أَنِ انْتَكَثَ عَلَيْهِ فَتْلُهُ، وَ أَجْهَزَ عَلَيْهِ عَمَلُهُ وَ كَبَتْ بِهِ بِطْنَتُهُ.
مبايعة علي
فَمَا رَاعَني إِلَّا وَ النَّاسُ كَعُرْفِ الضَّبُعِ إِلَيَّ يَنْثالُونَ عَلَيَّ مِنْ كُلّ جَانِبٍ