وَ ثَقُلَتْ فِي الْأَرْضِ وَطْأَتُهُ، عَضَّتِ الْفِتْنَةُ أَبْنَاءَهَا بِأَنْيَابِهَا، وَ مَاجَتِ الْحَرْبُ بِأَمْوَاجِهَا، وَ بَدَا مِنَ الْأَيَّامِ كُلُوحُهَا، وَ مِنَ اللَّيَالِي كُدُوحُهَا، فَإِذَا أَيْنَعَ زَرْعُهُ وَ قَامَ عَلَى يَنْعِهِ وَ هَدَرَتْ شِقَاشِقُهُ، وَ بَرَقَتْ بَوَارِقُهُ، عُقِدَتْ رَايَاتُ الْفِتَنِ الْمُعْضِلَةِ، وَ أَقْبَلْنَ كَاللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، وَ الْبَحْرِ الْمُلْتَطِمِ. هذَا، وَ كَمْ يَخْرِقُ الْكُوفَةَ مِنْ قَاصِفٍ وَ يَمُرُّ عَلَيْهَا مِنْ عَاصِفٍ، وَ عَنْ قَلِيلٍ تَلْتَفُالْقُرُونُ بِالْقُرُونِ وَ يُحْصَدُالْقَائِمُ، وَ يُحْطَمُ الَمحْصُودُ!
و من خطبة له (ع) (102)
تجري هذا المجرى و فيها ذكر يوم القيامة و أحوال الناس المقبلة
يوم القيامة
وَ ذلِكَ يَوْمٌ يَجْمَعُ اللَّهُ فِيهِ الْأَوَّلِينَ وَ الآخِرِينَ لِنِقَاشِ الْحِسَابِ وَ جَزَاءِ الْأَعْمَالِ، خُضُوعاً، قِياماً، قَدْ أَلْجَمَهُمُ الْعَرَقُ، وَ رَجَفَتْ بِهِمُ الْأَرْضُ، فَأَحْسَنُهُمْ حَالًا مَنْ وَجَدَ لِقَدَمَيْهِ مَوْضِعاً، وَ لِنَفْسِهِ مُتَّسَعاً.
حال مقبلة على الناس
و منها: فِتَنٌ كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، لَا تَقُومُ لَهَا قَائِمَةٌ وَ لَا تُرَدُّ لَهَا رَايَةٌ، تَأْتِيكُمْ مَزْمُومَةً مَرْحُولَةً: يَحْفِزُهَا قَائِدُهَا، وَ يُجْهِدُهَا رَاكِبُهَا، أَهْلُهَا قَوْمٌ شَدِيدٌ كَلَبُهُمْ، قَلِيلٌ سَلَبُهُمْ، يُجَاهِدُهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَوْمٌ أَذِلَّةٌ عِنْدَ الْمُتَكَبّرِينَ، فِي الْأَرْضِ مَجْهُولُونَ، وَ فِي السَّمَاءِ مَعْرُوفُونَ، فَوَيْلٌ لَكِ يَا بَصْرَةُ عِنْدَ ذلِكَ، مِنْ جَيْشٍ مِنْ نِقَمِ اللَّهِ! لَا رَهَجَ لَهُ، وَ لَا حَسَّ، وَ سَيُبْتَلَى أَهْلُكِ بِالْمَوْتِ الْأَحْمَرِ، وَ الْجُوعِ الْأَغْبَرِ!