وَ كَمْ عَسَى الُمجْرِي إِلَى الْغَايَةِ أَنْ يَجْرِيَ إِلَيْهَا حَتَّى يَبْلُغَهَا، وَ مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ بَقَاءُ مَنْ لَهُ يَوْمٌ لَا يَعْدُوهُ، وَ طَالِبٌ حَثِيثٌ مِنَ الْمَوْتِ يَحْدُوهُ، وَ مُزْعِجٌ فِي الدُّنْيَا حَتَّى يُفَارِقَهَا رَغْماً؟ فَلا تَنَافَسُوا فِي عِزّ الدُّنْيَا وَ فَخْرِهَا، وَ لَا تَعْجَبُوا بِزِينَتِهَا وَ نَعِيمِهَا وَ لَا تَجْزَعُوا مِنْ ضَرَّائِهَا وَ بُؤْسِهَا، فَإِنَّ عِزَّهَا وَ فَخْرَهَا إِلَى انْقِطَاعٍ، وَ إِنَّ زِينَتَهَا وَ نَعِيمَهَا إِلَى زَوَالٍ، وَ ضَرَّاءَهَا وَ بَؤْسَهَا إِلَى نَفَادٍ، وَ كُلُّ مُدَّةٍ فِيهَا إِلَى انْتِهَاءٍ، وَ كُلُّ حَيّ فيها إِلَى فَنَاءٍ. أَوَلَيْسَ لَكُمْ فِي آثارِ الْأَوَّلِينَ مُزْدَجَرٌ، وَ فِي آبائِكُمُ المَاضِينَ تَبْصِرَةٌ وَ مُعْتَبَرٌ، إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ! أَوَلَمْ تَرَوْا إِلَى الْمَاضِينَ مِنْكُمْ لَا يَرْجِعُونَ؟ وَ إِلَى الْخَلَفِ الْبَاقِينَ لَا يَبْقَوْنَ! أَوَلَسْتُمْ تَرَوْنَ أَهْلَ الدُّنْيا يُصْبِحُونَ وَ يُمْسُونَ عَلَى أَحْوَالٍ شَتَّى: فَمَيِّتٌ يُبْكَى، و آخَرُيُعَزَّى، وَ صَرِيعٌ مُبْتَلىً، وَ عَائِدٌ يَعُودُ، وَ آخَرُ بِنَفْسِهِ يَجُودُ، وَ طَالِبٌ لِلدُّنْيَا وَ الْمَوْتُ يَطْلُبُهُ، وَ غَافِلٌ وَ لَيْسَ بِمَغْفُولٍ عَنْهُ؛ وَ عَلَى أَثَرِ الْمَاضِي مَا يَمْضِي الْبَاقِي!
أَلَا فَاذْكُرُوا هَادِمَ اللَّذَّاتِ، وَ مُنَغّصَ الشَّهَوَاتِ، وَ قَاطِعَ الْأُمْنِيَاتِ، عِنْدَ الْمُسَاوَرَةِ لِلْأَعْمَالِ الْقَبِيحَةِ وَ اسْتَعِينُوا اللَّهَ عَلَى أَدَاءِ وَاجِبِ حَقّهِ، وَ مَا لَا يُحْصَى مِنْ أَعْدَادِ نِعَمِهِ وَ إِحْسَانِهِ.
و من خطبة له (ع) (100)
في رسول اللَّه و أهل بيته
الْحَمْدُلِلَّهِ النَّاشِرِ فِيالْخَلْقِ فَضْلَهُ، وَ الْبَاسِطِ فِيهِمْ بِالْجُودِ يَدَهُ نَحْمَدُهُ فِي جَميعِ أُمُورِهِ، وَ نَسْتَعِينُهُ عَلَى رِعَايَةِ حُقُوقِهِ، وَ نَشْهَدُ أَنْ لَا إِلهَ غَيْرُهُ. وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ،