responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : يسئلونك عن... نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 1  صفحه : 170

ويفهم من الآية الأولى أنّ الناس سألوا رسول الله صلى الله عليه وآله حول مصير الجبال عند نهاية الدنيا، إذ لعلهم لم يكونوا يصدقون أن تنهار موجودات عظيمة لها جذور في أعماق الأرض ومرتفعة إلى السماء أو تكون قابلة للتزلزل، وإذا حل بها ذلك فما هي تلك الريح العظيمة أو العاصفة الهوجاء أو الطوافان الكبير الذي يقوم بذلك؟

لذا يقول تعالى: ويسألونك عن الجبال‌.

فيقول في الجواب: فَقُلْ يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً ومن مجموع الآيات القرآنية حول مصير الجبال نستفيد ما يلي: على أعتاب القيامة تمر الجبال بمراحل مختلفة هي:

الاولى: مرحلة الرجفة: حيث يقول تعالى: يَوْمَ تَرْجُفُ الأَرْضُ وَالْجِبالُ‌ (1).

وفي المرحلة الثانية: مرحلة السير والحركة: يقو ل تعالى: وَتَسِيرُ الْجِبالُ سَيْراً (2).

في المرحلة الثالثة: مرحلة التلاشي والتحول إلى ركام من الرمل: حيث يقول تعالى: وَكانَتِ الْجِبالُ كَثِيباً مَهِيلًا (3).

وفي المرحلة الأخيرة: تقوم الرياح والعواصف بتحريكها من أماكنها ونشرها في السماء كالعهن المنفوش، حيث يقول تعالى: وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ‌ (4).

ثم تذكر الآية بعد ذلك، بأنّ الجبال بعد أن تتلاشى وتذرو ذراتها في الفضاء فإنّ الله عزّ وجلّ يقول: فَيَذَرُها قاعاً صَفْصَفاً (5) أي: فإنّ سطح الأرض تتحول إلى أرض مستوية بلا ماء أو نبات، بحيث لا يوجد فيها أي اعوجاج أو تضاريس يمكن ملاحظتها ويقول تعالى: لا تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً (6) وفي هذه الأثناء يدعو داعي الله عزّ وجلّ الناس إلى الحياة والجمع في المحشر والحساب، فيجيبون هذا الداعي بدون أي تباطؤ أو تقصير ويتبعونه، يقول تعالى واصفاً ذلك: يَوْمَئِذ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لا عِوَجَ لَهُ‌ فهل هذا الداعي هو إسرافيل أو ملاك آخر من ملائكة الله عزّ وجل؟

لم يحدد ذلك الملاك في القرآن بشكل دقيق، ولكن بغضِّ النظر عمَّن يكون، فإن أمره نافذ بحيث لا يستطيع أحد مخالفته.

وإنّ جملة (لا عوجاً له) من الممكن أن تكون وصفاً لدعوة هذا الداعي أو أن تكون وصفاً لاتباع من سمع نداء هذا الداعي أو وصفاً لكليهما.

ومن اللطيف أنّه كما أنّ سطح الأرض تصبح مستوية بدون أقل اعوجاج أو تضريس، فإنّ الدعوة الإلهيّة تكون مستقيمة وواضحة بدون أي انحراف، واتباع هذا النداء الإلهي يكون كذلك بحيث لا يجد أي انحراف أو طريقاً له.

عندها يحدث ما يلي: يقول تعالى: وَخَشَعَتِ الأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً (7).

وإنّ هذا الصمت ليس إلّا نتيجة سيطرة العظمة الإلهيّة على مشهد الحشر، حيث يخضع لها الجميع، أو يكون السبب الخوف من الحساب والكتاب ونتيجة الأعمال أو يكون سبب هذا الصمت المطبق كليهما معاً.

ومن هنا يمكن لبعض الأشخاص أن يصابوا بهذا الخطأ المتمثل بما يلي:

هل من الممكن للأشخاص الذين ارتكبوا المعاصي أن ينالوا الشفاعة من قبل شفعائهم عند ذلك يأتي الجواب مستقيماً بقوله تعالى: يَوْمَئِذ لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلا وفي ذلك إشارة إلى أنّ الشفاعة لا تأتي عبثاً بل بناء على برنامج دقيق يشمل الشفيع والمشفع له، إذ لا معنى للشفاعة إذا لم يكن البعض أهلًا لتلك الشفاعة.

و الحقيقة تكون كما يلي:

إنّ هناك مجموعة من الناس عندهم تصورات خاطئة عن الشفاعة، ويشوهونها بما يجري في الدنيا من المحسوبيات، في حين أنّ الشفاعة في المنطق الإسلامي مدرسة عليا في التربية، هي تربية لهؤلاء الذين يطوون طريق الحق بالسعي والعمل والجد، وفي سعيهم هذا قد يصابون ببعض الزلّات والنقائص التي يمكن أن تؤدي إلى إصابة قلوبهم بغبار اليأس.

نام کتاب : يسئلونك عن... نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 1  صفحه : 170
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست