responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 1  صفحه : 62

«الاكتفاء بالربح المقبول مورد الحاجة في الحياة»، «عدم الاحتكار» وأمثال ذلك.

وكما تقدّم فإنّ نجاة الإنسان من النفس الأمّارة بالسوء ومن أشكال الطغيان والعناد والتمرّد، وكذلك تصفية باطنه من الوساوس الشيطانية، وتحقيق التكامل المعنوي لروحه، كلّ ذلك بحاجة إلى معرفة القابليات والملاكات في واقع الإنسان والتعرّف على أشكال العلاج والوقاية من الانحرافات وأنحاء الجنوح النفسي، وعلم الأخلاق- وهو المتصدّي لبيان هذه الأمور- بدوره يحتاج لمجموعة من المقرّرات والقوانين التي يرفدها به الفقه.

إن مسائل الفقه الإسلامي ممتزجة بالمسائل الأخلاقية بحيث لا يمكن أن نشاهد شخصاً متديّناً ومتعبّداً بالواجبات والمحرّمات الدينية ولكنّه غير متحلٍّ بالفضائل الأخلاقية وغير مبتعد عن الرذائل الأخلاقية، في حين أنّه نقل عن المدّعي العام في الولايات المتّحدة الأمريكية «رابُرت هوگوت جاكسون» أنّه قال: «إنّ القانون في أمريكا يتّصل بشكل محدود وطفيف بالوظائف الأخلاقية، وفي الواقع أنّ الشخص الإمريكي بإمكانه أن يكون مطيعاً للقانون وفي الوقت نفسه يكون من حيث الأخلاق شخصاً دنيئاً وفاسداً» [1].

إنّ أشدّ قانون فقهي، بحسب الظاهر هو قانون القصاص، ومع ذلك فهو مقترن بملاحظات أخلاقية وهي عبارة عن «الاخوّة الدينية» ويقترن كذلك بتوصية أخلاقية، أي التشويق للعفو: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى‌ ... فَمَنْ عُفِىَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَىْ‌ءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ» [2] وتقرّر آية أخرى أنّ هذا العفو بعنوان صدقة للشخص وهي كفارة له عن ذنوبه: «وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ‌ ... فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ» [3].

وهكذا ما نراه في أغلظ المقرّرات الفقهية كالطلاق فإنّه مقرون أيضاً بالعفو وهو من الحالات اللطيفة في المسائل الأخلاقية: «وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ‌ ...

وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى‌ وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ» [4].

وربّما تأثر المشرّعون الغربيون عند وضع القوانين بالأمور والمسائل الأخلاقية بالديانة المسيحية أو أي ديانة أخرى، ولكن الكلام في ضمانة التنفيذ حيث إنّ العالم المادّي في الثقافة الغربية لا يعرف سوى الضمانات القانونية والمادّية لتنفيذ القوانين، وبعبارة أخرى: الشخص الذي يعرض عن قوانين الإسلام ولا يعمل على طبقها، فإنّه مضافاً إلى المسؤولية الظاهرية في مقابل القانون والقضاء، فإنّه مسؤول أيضاً في مقابل الباري تعالى.

6. توفّر الضمانة الباطنية لإجراء القانون‌

ومن امتيازات الفقه والقوانين الإسلامية هي أنّها تتمتع (كسائر الأديان الإلهيّة) بضمانات للتنفيذ لا تنحصر بالسلطة وأدوات القهر الرسمي، بل تملك‌


[1]. حقوق در اسلام (الحقوق في الإسلام)، ص جيم، المقدّمة (بالفارسيّة).

[2]. سورة البقرة، الآية 178.

[3]. سورة المائدة، الآية 45.

[4]. سورة البقرة، الآية 237.

نام کتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 1  صفحه : 62
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست