responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 1  صفحه : 472

وهنا يطرح هذا السؤال: كيف يتحرّك الإنسان العامّي في العمل بالأحكام الإلهية؟ يقول: «ففرض عليه إن كان أجهل البريّة أن يسأل عن أعلم أهل موضعه بالدين الذي جاء به رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، فإذا دلّ عليه سأله، فإذا أفتاه قاله له: هكذا قال اللَّه عزّ وجلّ ورسوله؟ فإن قال له: نعم، أخذ بذلك وعمل به أبداً. وإن قال له هذا رأيي أو هذا قياس أو هذا قول فلان، وذكر له صاحباً أو تابعاً أو فقهياً قديماً أو حديثاً أو سكت أو انتهره أو قال له:

لا أدري، فلايحلّ له أن يأخذ بقوله ولكنّه يسأل غيره» [1].

ثمّ إنّ الشوكاني يضيف: هناك الحدّ الوسط بين الاجتهاد والتقليد، وذلك إذا لم يتمكّن من الاجتهاد، يجب عليه أن يسأل أحكامه الشرعية من عالِم ديني، لا بمحض الرأي والاجتهاد يسأله. [2]

هنا نلفت النظر إلى ملاحظتين:

الأولى: إنّ المستفاد من أقوال المخالفين للتقليد من علماء أهل السنّة أنّهم على قسمين:

1. ما تقدّم في كلمات أئمّة المذاهب أنّهم نهوا عن التقليد، وهو في الواقع إشارة إلى هذه الحقيقة وهي أنّه لا ينبغي على العلماء أصحاب الرأي أن يكونوا مقلّدين لهم بل يجب عليهم التوجّه بأنفسهم إلى المنابع الشرعية واستنباط الأحكام الإلهية منها، وهذا هو ما يقال عن «انفتاح باب الاجتهاد» الذي تقدّم البحث فيه، وبعبارة أخرى أنّهم لا يرون جواز التقليد لمن كان في مرتبة الاجتهاد.

2. أنّ بعض أشكال المخالفة للتقليد والتي نقلت عن ابن حزم والشوكاني، تحكي في الواقع مخالفتهم للرأي والقياس الظنّي للمجتهد، فهؤلاء يعتقدون بأنّه ينبغي اتّباع النصوص فقط، ولا يصحّ الرجوع إلى رأي المجتهد ونظره الشخصيّ وجعله ملاكاً للعمل في مقام امتثال الحكم الشرعيّ. ولذلك فإنّ ابن حزم في تفسير الآية «لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ» قال: «لم يأمر اللَّه عزّ وجلّ أن يقبل من النافر للتفقّه في الدين رأيه ...، وإنّما أمر اللَّه تعالى بقبول نذارة النافر للتفقّه في‌الدين فيما تفقّه فيه من دين اللَّه تعالى الذي أتى به رسول اللَّه، لا في دين لم يشرّعه اللَّه عزّ وجلّ» [3].

وعليه فإنّ مخالفة هذه الطائفة من العلماء ليست في مسألة التقليد، بل في حجّية الفتاوى المستنبطة من القياس والاستحسان وما إلى ذلك.

ومعلوم أنّ المجتهد أحياناً لا يجد نصّاً خاصّاً على الحكم الشرعيّ، وبالتالي فإنّه يتحرّك في مقام الإفتاء على أساس الإطلاقات والعمومات أو الأصول العملية، ففي هذه الصورة يكون قبول قوله عبارة أخرى عن قبول تلك النصوص لا العمل برأيه الشخصيّ الذي ينطلق من مقولة القياس والاستحسان الظنّي، أجل إذا كان الأمر كذلك، فإنّ فقهاء أهل البيت عليهم السلام أيضاً لا يقبلون بهذا التقليد، وليس فقط لا يجوز للمكلّف تقليد مثل هذا المجتهد أو اتّباعه، بل إنّ المجتهد نفسه لا يجوز له العمل بذلك الرأي المستوحى من الظنّ.

الثانية: إنّ ما نقله أحمد يتنافى مع عمله، لأنّ أحمد نفسه كان يفتي في بعض الموارد برأي الشافعي ويقول:

«إذا سألت عن مسألة لم أعرف فيها خبراً أفتيت بقول الشافعي لأنّه إمام عالم من قريش» [4].


[1]. المحلّى لإبن الحزم، ج 1، ص 66.

[2]. ارشاد الفحول، ج 2، ص 336.

[3]. المحلّى لإبن حزم، ج 1، ص 67.

[4]. الموسوعة الفقهيّة الكويتيّة، ج 13، ص 162.

نام کتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 1  صفحه : 472
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست