responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 1  صفحه : 442

لعلمه وظنّه المعتبر، وفي الصورة الثالثة يرجع إلى أحد الأصول العملية المعتبرة، أي البراءة، الاستصحاب، التخيير والاحتياط، ليتمكّن من رفع شكّه وتعيين تكليفه من خلال هذه الأصول الأربعة.

على هذا الأساس فلا توجد أيّ مسألة بدون حكم شرعيّ ولا يبقى سؤال بدون جواب، لا على أساس الحكم الواقعي ولا على أساس الحكم الظاهري، ووظيفة المجتهد هي السعي وبذل الجهد للكشف عن الحكم الشرعي الموجود في الشريعة المقدّسة، وهذا هو معنى الاجتهاد لدى فقهاء الإمامية.

وأمّا الاجتهاد في مصطلح أهل السنّة فيختلف عما ذكر آنفاً، لأنّهم في مقام الإفتاء يعتمدون في مثل هذه المسائل على القياس الظنّي والاستحسان والمصالح المرسلة وسدّ الذرائع- وفقاً لما تقدّم بيانه من المراد منها- والاجتهاد عندهم لا يختصّ بالاستعانة بالنصوص الواردة في الشريعة والاستدلال بها.

وبعبارة أخرى يمكن تقسيم الاجتهاد لدى أهل السنّة إلى‌ ثلاثة أقسام:

1. «الاجتهاد المعروف» والمراد منه هو التحرّك في عملية استنباط الأحكام الشرعية بالمنهج المتداول من خلال الاستفادة من نصوص الآيات والروايات، وهو ما تقدّم توضيحه في كيفية استنباط الأحكام لدى علماء الإمامية.

2. «التقنين» والمراد منه بيان الحكم الشرعيّ في مسائل معيّنة لم يرد فيها نصّ خاصّ من آية أو رواية.

والمجتهد في مثل هذه المسائل يستنبط الحكم وفقاً لفهمه وتشخيصه، ويفتي بما حصل لديه على أساس القياس الظنّي، أو الاستحسان أو المصالح المرسلة أو سدّ الذرائع، وحكم المجتهد في هذه المسائل بمنزلة حكم اللَّه تعالى ويسدّ الفراغ الذي تركه الحكم الإلهيّ في هذه المسألة [1].

ويقوم هذا النوع من الاجتهاد على نظرية التصويب التي يعتقدون بها.

وهذا النوع من الاستنباط غير مقبول في نظر فقهاء الإمامية، لأنّه- على حدّ تعبير القرآن الكريم، اتّباع للظنّ وأنّ الظنّ لا يغني من الحقّ شيئاً [2] والسبب في لجوء هؤلاء الفقهاء إلى هذه الأدلّة الظنية هو أنّ النصوص التي بين أيديهم غير كافية للإجابة عن جميع المسائل الواقعة والمستحدثة.

في حين أنّ النبيّ الأكرم صلى الله عليه و آله قال في حديث الثقلين المعروف والمتواتر بين المسلمين،

«إنّي مُخَلِّفُ فِيْكُم الثَّقَلَيْنِ، كِتابَ اللَّهِ وعِتْرَتِي» [3]

وفي طرق أخرى لهذا الحديث وردت هذه العبارة أيضاً

«مَا إنْ تَمَسَّكْتُم بِهِمَا لَنْ تَضِلُّوا أبَداً» [4]

. ولكن مع الأسف إنّ بعض علماء الإسلام لم يلتفتوا إلى هذه المسألة، وتركوا الأخذ بأحاديث أهل البيت عليهم السلام.

3. «الاجتهاد في مقابل النصّ»؛ وفي هذا النوع من الاجتهاد، لايكتفي الفقيه بعدم التمسّك بالنصوص،


[1]. جاء في كتاب المهذب في علم اصول الفقه: أحد المذاهب في فروع الأحكام أنّ كل مجتهد في الفروع مصيب وأنّ حكم اللَّه تعالى لا يكون واحداً معيناً، بل هو تابع لظنّ المجتهد فحكم اللَّه تعالى في حق كل مجتهد ما أدى إليه إجتهاده وغلب على ظنّه، وسمّى أصحاب هذا المذهب بالمصوّبة، وهو مذهب أبي‌بكر الباقلاني والغزالي وبعض المتعكلّمين وأكثر المعتزلة. (المهذب في علم أصول الفقه المقارن، ج 5، ص 2356).

[2]. «إِنَّ الظَّنَّ لَايُغْنِى مِنْ الْحَقِّ شَيْئاً» سورة يونس، الآية 36.

[3]. صحيح مسلم، ج 4، ص 1874 ومصادر أخرى كثيرة.

[4]. وردت هذه الجملة بعبارة مختلفة في كتب أهل السنّة. انظر: مسندأحمد، ج 3، ص 59؛ سنن الترمذي، ج 5، ص 328 و 329؛ المعجم الكبير للطبراني، ج 3، ص 65.

نام کتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 1  صفحه : 442
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست