حكم حكوميّ أو حكم مؤقّت يختصّ بظروف خاصّة في دائرة الزمان والمكان.
ومن الطبيعي أنّ الحديث إذا كان مورد الشكّ في كونه يبيّن حكماً تشريعياً أو
حكومياً، فإنّ ذلك يفضي إلى اختلاف المجتهدين في الفتوى، مثل:
1. الصيام في «يوم عاشوراء»
لقد وردت أحاديث متعدّدة ومختلفة عن أهلالبيت عليهم السلام بالنسبة لحكم
الصيام في يوم عاشوراء، فبعض يدلّ على استحباب الصوم فيه [1] وبعض آخر ينهى عن ذلك [2].
وعلى هذا الأساس اختلفت فتاوى الفقهاء، فكلّ فقيه استند إلى بعض المرجّحات
للأخذ بإحدى هاتين الطائفتين من الروايات وأفتى على أساسها [3].
وربّما تصوّر المفتون بالاستحباب في هذه المسألة أنّ النهي عن الصيام في يوم
عاشوراء إنّما كان مختصّاً في ذلك الوقت لمنع الناس من التشبّه بعمل بنيأميّة
وهذا الموضوع منتفٍ في هذا العصر.
2. زكاة الخيل
ويرى أكثر فقهاء أهل السنّة عدم وجوب الزكاة على الخيل، خلافاًلأبيحنيفة الذي
ذهب إلى وجوب الزكاة على الخيل لما ورد في الحديث النبويّ
وأمّا في دائرة الفقه الشيعي وبسبب وجود طائفتين من الروايات تدلّ إحداها على
حصر الزكاة في تسعة أشياء، وتدلّ الأخرى على وجوب الزكاة في الخيل، فقد وقع خلاف
بين هؤلاء الفقهاء، فذهب الأكثر إلى الاستحباب [6]، ولكنّ البعض احتمل أنّ هذا الحديث الصحيح
الذي يدلّ على وجوب الزكاة على الخيل كاشف عن حكم حكوميّ لأميرالمؤمنين عليّ عليه
السلام بالنسبة للزكاة على الخيل، لا أنّه أمر إلهيّ دائميّ، استحبابيّ أو وجوبيّ،
وعليه لا يمكن استنباط حكم ثابت شرعيّ من هذا الحديث على وجوب أو استحباب الزكاة
على الخيل، بل هو حكم مختصّ بتلك الفترة الزمنية الخاصّة [7].
3. حكم صناعة التماثيل
وردت أحاديث كثيرة عن النبيّ الأكرم صلى الله عليه و آله في المصادر الروائية
لدى الشيعة وأهلالسنّة، وكذلك أحاديث متعدّدة عن أئمّة أهل البيت عليهم السلام
تقرّر حرمة صناعة تماثيل الإنسان والحيوانات وسائر الموجودات الحيّة [8].
وقدأفتى أكثر فقهاء المذاهب الإسلامية من أهل السنّة والشيعة على أساس هذه
الروايات بتحريم صناعة تماثيل الكائنات الحيّة، بل إنّ فقهاء الشيعة كصاحب الجواهر [9]، والشيخ الأنصاري [10] في كتابه
[1]. وسائل الشيعة، ج 7، الباب 20 من
أبواب الصوم المندوب، ح 3.
[2]. المصدر السابق، الباب 21 من
أبواب الصوم المندوب، ح 3.