وأحياناً يتّفق الفقهاء في الضوابط والشروط المقرّرة لوثاقة الرواة، ولكنّهم
يختلفون في توفّر هذه الشروط لدى بعض الرواة للأحاديث، وعلى أساس هذا الاختلاف يرى
فقيه معيّن أنّ ذلك الحديث صحيح وحجة ويفتي طبقاً له، بينما يرى فقيه آخر أنّ ذلك
الحديث غير صحيح، وبالتالي فإنّه يفتي استناداً لأدلّة أخرى، على سبيل المثال:
إنّ مقدار دية قطع جميع الأصابع ليد واحدة هو 500 ديناراً، أي نصف الدية
الكامل للإنسان. ولكن إذا قطع بعض الأصابع، فهل أنّ كلّ إصبع يتساوى في الدية مع
باقي الأصابع، أم أنّ إصبع الابهام له سهم أكبر؟
ذهب بعض فقهاء الإماميّة مثل أبيالصلاح في «الكافي»[3] وابن
حمزة في كتابه «الوسيلة»[4] و الشيخ الطوسي في كتابه «الخلاف»[5] و «المبسوط»[6] (نقلًا عن أكثر
الأصحاب) إلى أنّ دية إصبع الإبهام تساوي ثلث دية جميع الأصابع، (500 ديناراً)
وثلثي الدية يقسّم بين الأصابع الأربعة الأخرى بالسوية، ودليلهم على ذلك الرواية
التي نقلها الشيخ الصدوق في «من لا يحضره الفقيه» عن كتاب «ظريف» أنّه:
«في الإبهام إذا قطع ثلث دية اليد
مائة دينار وستّ وستّون ديناراً وثلثا دينار ... وفي الأصابع في كلّ أصبع سدس دية
اليد ثلاثة وثمانون ديناراً وثلث دينار ...» [7].
ولكنّ أكثر فقهاء الإماميّة [8] ذهبوا إلى تساوي دية الإبهام مع سائر الأصابع الأخرى لأنّه
أوّلًا: أنّ بعض الفقهاء كالشهيد في «المسالك» يرى ضعف طريق «ظريف» [9] في إسناده، وثانياً: وجود أحاديث صحيحة تدّل
على التساوي، مثل: حديث الحلبيّ:
«سألت أباعبداللَّه عليه السلام
عنالأصابع أهنّ سواء في الدية؟ قال: نعم» [10].
العامل الرابع: الإختلاف في جهة صدور الحديث
وأحياناً تكون صحّة صدور الحديث مورد قبول الفقهاء واتّفاقهم، ولكنّ هذا
الحديث لا يصلح لاستنباط الحكم الشرعي، من جهتين:
أ) الشكّ في كون الحكم ثابتاً أم مؤقّتاً
بالرغم من أنّ أغلب الأحاديث الفقهية الواردة عن النبيّ الأكرم صلى الله عليه
و آله وأئمّة أهل البيت عليهم السلام تتضمّن أحكاماً ثابتة وواقعية وتستوعب جميع
العصور والأزمان، ولكن أحياناً يصدر الشارع المقدس حكماً على أساس أنّه