responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 1  صفحه : 256

أمراً مقبولًا ومسلّماً.

وأمّا علماء أهل السنّة، فإنّهم نظروا إلى‌ تأثير الزمان والمكان في استنباط الأحكام من زواية

يقول العلّامة القرافي: «أوّلًا: إمكان تبديل المصلحة التي هي مقتضى الوجوب أو الاستحباب إلى مفسدة وتقتضي الحرمة، مقبول. وثانياً: إنّه يدّعي- على سبيل القاعدة الكلّية الشرعية- أنّ في كلّ مورد تتبدّل المصلحة إلى المفسدة، فإنّ الحكم أيضاً يتبدّل من الجواز إلى المنع» [1]. ومن الواضح أنّ العامل على تبديل المصلحة إلى مفسدة قد يكون أحياناً عنصر الزمان والمكان.

كما أنّ الشاطبي يقول في كتابه: «فإنّا وجدنا الشارع قاصداً لمصالح العباد، والأحكام العاديّة تدور معه حيثما دار، فترى الشي‌ء الواحد يمنع في حال لا تكون فيه مصلحة، فإذا كان فيه مصلحة جاز» [2].

ويقول الدكتور وهبه الزُحيلي في المقدّمة لكلام الشاطبي: «وهذا الأمر الذي أشار إلى الشاطبي هو أنّه من الممكن مع وجود التغيّر في الظروف الاجتماعية، أنّ تتغيّر الوجوه وجهات المصالح الدينية، وبالتالي يتغيّر الحكم الإلهيّ» [3].

ويقول محمّد مصطفى الزّرقاء:

«قد اتّفقت كلمة فقهاء المذاهب على أنّ الأحكام الّتي تتبدّل مع الزمان وأخلاق الناس، هي الأحكام الاجتهادية من قياسيّة ومصلحية، أي الّتي قرّرها الاجتهاد بناء على القياس أو على دواعي المصلحة- وهي المقصودة من القاعدة المقرّرة (تغيّر الأحكام بتغيّر الزمان)- أمّا الأحكام الأساسية التي جاءت الشريعة لتأسيسها وتوطيدها بنصوصها الأصلية الآمرة والناهية، كحرمة المحرّمات المطلقة وكوجوب التراضي في العقود والتزام الإنسان بعقده، وضمان الضرر الّذي يلحقه بغيره، وسريان إقراره على نفسه دون غيره، ووجوب منع الأذى وقمع الأجرام وسدّ الذرائع إلى الفساد وحماية الحقوق المكتسبة ومسؤوليّة كلّ مكلّف من عمله وتقصيره وعدم مؤاخذة بري‌ء بذنب غيره، إلى غير ذلك من الأحكام والمبادى‌ء الشرعية الثابتة الّتي جاءت الشريعة لتأسيسها ... فهذه لا تتبدّل بتبدّل الأزمان، بل هي الأُصول الّتي جاءت بها الشريعة لإصلاح الأزمان والأجيال ولكن وسائل تحقيقها وأساليب تطبيقها قد تتبدّل باختلاف الأزمنة المحدثة» [4].

الأمر الثالث: دائرة التأثير

إنّ تأثير الزمان والمكان في عملية الإستنباط- مع الالتفات إلى ثلاثة أصول ثابتة لا تقبل التغيير: «التوحيد في التشريع»، «أبديّة الأحكام» و «وجود حكم لجميع الوقائع»- يمكن أن يملك مبرّرات منطقية مقبولة:

1. التوحيد في التشريع: وهذا الأصل يبتني على الآية الشريفة: «إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا للَّهِ» [5] حيث إنّ المراد من الحكم هنا، عملية التقنين، وعلى هذا الأساس فإنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله نفسه غير مشرّع: « «قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي» [6]. وعلى أساس هذا الأصل أيضاً فنحن نعتقد بأنّ أئمّة أهل البيت عليهم السلام في الواقع مبيّنون للأحكام الشرعية. وعليه فإنّ وضع الحكم الشرعي‌


[1]. الفروق، ج 1، ص 183.

[2]. الموافقات، ج 2، ص 306.

[3]. اصول الفقه الإسلامي، ج 2، ص 116.

[4]. المدخل الفقهي العام، ج 2، ص 924 و 925.

[5]. سورة يوسف، الآية 40.

[6]. سورة يونس، الآية 15.

نام کتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 1  صفحه : 256
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست