و إن شئت قلت: القدر المسلم هو تحريم الحكم على الناس بغير إذن من الشارع و
عدم إمضاء تصرّفات هذه الحكومة من هذه الجهة، أمّا كونها شخصا حقوقيا تملّك أشياء
إذا حصلت عليها من طرق مشروعة، فلم يدلّ عليه دليل بعد قضاء العرف و العقلاء
بمصداقه الخارجي و اعتباره الناشي عن مبادئ تكوينية.
المقام الثّاني: منابع أموال الحكومة
اعلم أنّ ما تكتسبه الحكومة على أنحاء ثلاثة:
1- ما تكتسبه بالمكاسب المحلّلة فتملكه، سواء كانت حكومة جائرة أو عادلة، و هو
كثير مثل ما تكتسبه بالتجارة في داخل البلاد و خارجها، و إحداث المصانع، و بناء
الطرق و أخذ حقّ العبور منها، و الزراعات في الأراضي المباحة، و إخراج المياه، و
إحداث السدود، و استخدام الطائرات، و السكك الحديدية، و الخدمات المختلفة،
كالمدارس و الجامعات و المستشفيات و البرق و البريد و الهاتف و المياه و غير ذلك.
بل ما تأخذه بعنوان العشور (الضرائب) عن الاسناد في مقابل تنظيمها و تسجيلها
تسجيلا تامّا من دون إجبارهم على أخذ هذه السجلات بل و ما تستخرجه من المعادن
أيضا، فهذا كلّه حلال.
2- ما تأخذه ظلما و غصبا من حقوق الناس، و هي أيضا كثيرة لا سيّما في الدول
التي بنيت على أساس الظلم و الجور، و هذا حرام مطلقا.
3- ما تأخذه من حقوق بيت المال الذي يحلّ شرعا للوالي العادل و لا يحلّ لغيره
كالزكوات و الخراج و أشباهها، و هذه تحلّ لأهلها فقط إلّا إذا كان الجائر مأذونا
بإذن خاص لبعض المصالح من ناحية الإمام العادل، أو بعنوان إذن عامّ، كما عرفته في
الخراج و غيره في المباحث السابقة مع شرائطه، فحينئذ تكون أموال الحكومة الجائرة
مختلطة من الحلال و الحرام.
و الإنصاف إنّ المحلّل منها في أعصارنا كثيرة جدّا بحيث قد يغلب على الحرام أو