و أمّا أخذ الاجرة في مقابل «القضاء» فقد عرفت سابقا في مباحث الرشوة أنّه غير
جائز، للروايات الخاصّة الواردة فيها، مضافا إلى ما يستفاد من غيرها من رفعة مقام
القضاء، و كون أخذ الاجرة مظنّة للوقوع في الجور في الأحكام، و العمدة الروايات
الخاصّة.
بقي هنا امور:
الأمر الأوّل: أخذ الاجرة على المحرمات
لا يجوز أخذ الاجرة على المحرّمات، لما تبيّن لك من أنّ اللّه إذا حرّم شيئا
حرّم ثمنه، و أنّه أكل للمال بالباطل بعد عدم المالية لها شرعا، مضافا إلى حديث
تحف العقول و غيره.
و أمّا أخذ الاجرة على المباحات و المكروهات فلا مانع منه، إذا اجتمعت فيه
سائر شرائط الإجارة من الفائدة المقوّمة لها و غير ذلك.
و أمّا على المستحبّات، فقد فصل شيخنا الأعظم قدّس سرّه فيها بين العبادة و
غيرها، فحكم بالفساد في الأوّل لفسادها بعدم القربة بأخذ الاجرة، كما إذا أخذ
الاجرة لإعادة صلاته حتّى يصلّي به جماعة، و بالصحّة في الثاني، كما إذا استؤجر
لبناء المسجد و غيره.
ا و الإنصاف صحّة الجميع بعد ما عرفت من تصحيح أخذ الاجرة من طريق الداعي إلى
الداعي، فإذا لم تكن العبادة من وظائفه الحتمية، و استؤجر لفعلها فلا مانع منه،
إلّا فيما يستفاد من دليله كونه مجّانا كما في الأذان على احتمال، و هو أيضا من
قبيل الوظائف.
الأمر الثّاني: أخذ الاجرة على العبادات الاستيجارية
ذكر شيخنا الأعظم قدّس سرّه هنا أنّ العبادات الاستيجارية كلّها داخلة في أخذ
الاجرة على المستحبّات، لأنّ إتيان العبادات عن الغير مستحبّ ذاتا، و يأخذ الاجرة
على فعل هذا المستحبّ، و لكن لمّا كانت العبادات الاستيجارية منوطة بقصد القربة، و
هو لا يرخّص أخذ الاجرة حتّى على المستحبّات العبادية ذكر في تصحيح قصد القربة ما
حاصله: إنّ حقيقة النيابة «جعل نفسه بمنزلة الغير و عمل العمل بقصد التقرّب الذي
هو تقرّب المنوب عنه بعد فرض النيابة».