ومرّة أخرى نقرأ في القرآن الكريم التأكيد على هذين المعيارين «العلم» و
«الأمانة» بصورة أخرى وتحت عنوان «حفيظ» و «عليم».
فعندما دعا عزيز مصر يوسف عليه السلام إلى تولي إدارة الأمور في بلد مصر
«لإنقاذ الناس من خطر الجوع والقحط في تلك الظروف الصعبة التي حلّت بمصر قال يوسف: «قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي
حَفِيظٌ عَلِيمٌ»[1].
ونظراً لسعة مفهوم الأمانة في المصادر الإسلامية، فلا شك أنّ كل مقام ومنصب
يسلّم إلى المدير والقائد، يعتبر من أهم الأمانات الإلهيّة والاجتماعية، وقد ورد
في حديث شريف في تفسير الآية 58 من سورة النساء:
وورد في كلمات أهل البيت عليهم السلام أنّ المراد هو: «أَدّوا الولايةَ إِلى أهلِها»[3] أو الحكومة.
ووردت أحاديث كثيرة أخرى في هذا المجال تؤكد على أنّ الأمانة بمعنى «الإمامة»
وقيادة الامّة في خط الهداية والصلاح والمسؤولية.
ولا شك أنّ المقصود من هذه التفاسير ليس تحديد مفهوم الآية، بل الهدف بيان
المصداق البارز لها، وعلى أيّة حال فإنّ هذه الروايات تبيّن أنّ الأمانة لا تنحصر
بالمسائل المالية كما يتصوره الغالبية من الناس، بل المهم الأمانة في المناصب
الحساسة وخاصّة في مقام قيادة الامّة والحكومة.
واللافت أنّ القرآن يقول بعد ذلك مباشرة: «وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا
بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعاً
بَصِيراً»[4].