فأجاب عنه
المحقّق ـ بما حكي عنه في بعض مسائله ـ : « من أنّه لا قائل هنا بالفرق » [١] واخرى بما عن
الذخيرة : من أنّه كما يمكن الجمع بحمل المطلق على المقيّد ، كذا يمكن بالحمل على
الاستحباب ، أو على ما هو الغالب من أنّه لا يستعمل في الإزالة غير الماء [٢].
والجواب عن
الأوّل : مقرّر في الاصول.
وعن الثاني :
بأنّ الغلبة المدّعاة إن اريد بها ما هو في جانب المطلق ، على معنى أنّ الأمر
بمطلق الغسل ينصرف إليه بالماء لأنّه الغالب ، فهو تأييد لقول المشهور ، ودفع لما
ورد على تمسّكهم بالأوامر المقيّدة من وجود الأوامر بالمطلق أيضا ، ورفع للحاجة
إلى تجشّم حمل المطلق على المقيّد دفعا للمعارضة بينهما ، إذ مبنى هذا الكلام على
منع المعارضة بينهما من طريق خر غير قاعدة الحمل.
فإن اريد بها
ما هو في جانب القيد الوارد في المقيّد ، على معنى كون قيد « الماء » واردا مورد
الغالب فلا يكون مفهومه حجّة.
ففيه : منع
ابتناء قاعدة الحمل على أن يكون للقيد الوارد في الكلام مفهوم كما هو مقرّر في
الاصول ، وإنّما هو مبتن على التنافي بين إطلاق المطلق وتقييد المقيّد ، وهو حيثما
حصل كان من مقتضيات منطوق المقيّد وإن لم يكن له مفهوم ، حيث إنّ إطلاق المطلق
يقتضي تخيير الوجوب ، والتقييد يقتضي تعيينه رأسا وهما متنافيان ، ومن هنا كان
الحمل ممّا يقول به من لا يقول بالمفهوم رأسا.
ويمكن المناقشة
في هذا الحمل بأنّ : من شرائطه المقرّرة في محلّه اتّحاد موجب الخطابين ، بأن يكون
علّة الحكمين متّحدة ، وهذا الشرط ليس بمحرز في المقام ، حيث إنّ علّة الحكم في
المقيّد النجاسة البوليّة ونحوها ، وهي في المطلق سائر النجاسات ، ولعلّه إلى هذا
البيان يرجع ما تقدّم في الاعتراض الأوّل. فجوابه : حينئذ ما عرفت عن
[١] المسائل
المصريّة (الرسائل التسع ـ للمحقّق الحلّي ـ : ٢١١).