الثانية
: قال في الدروس
: « ويعفى عن المتساقط من الدلو وعن جوانبها وحماتها » [١] وفي شرحه
للخوانساري تقييد المتساقط بكونه بالقدر المعتاد قائلا : « وهذا الحكم ممّا لا
خفاء فيه ، وكاد أن يكون من الضروريّات ، إذ لو لم يكن ذلك لما أمكن تطهير البئر
بالنزح في المعتاد » [٢].
وفي حاشية
المدارك للمحقّق المتقدّم ذكره : « والمتساقط من الدلو الأخير معفوّ عنه ، للمشقّة
العظيمة ، ولأنّ الطهارة معلّقة على النزح وقد حصل ، ولكن الظاهر أنّ المعفوّ عنه
هو المتساقط العادي ، فلو خرج عن العادة مثل أن يكون في الدلو خرق ومزق بما يزيد على
العادة لم يكن معفوّا عنه ، بل لم يكن الدلو محسوبا من العدد ، وكذا لو تحرّك
الدلو بما هو زائد على المعتاد فانصبّ منه كثير ، على أنّ في مطلق الخرق والتمزّق
إشكالا ، لأنّ المتبادر من الدلو هو الصحيح السالم.
نعم ، ما يخرج
من مسامّات [٣] الدلو ومخارق الإبر لا يضرّ إذا كان الدلو من الدلاء
المتعارفة » [٤] انتهى.
والظاهر أنّ
مرادهم بالعفو هنا ـ كما هو المصرّح به في الشرح المتقدّم ـ أنّ المتساقط وإن كان
متنجّسا لكنّه لا يوجب انفعال ما في البئر بتجدّد أثر على الأثر الأوّل كما في غير
الدلو الأخير ، أو تجدّده الرافع للطهارة الحاصلة بالنزح كما فيه.
ويشكل ذلك على
القول بالتنجيس بأنّ المحقّق عندهم في تنجّس ماء البئر عدم الفرق بين النجس
والمتنجّس ، ولا بين كثير كلّ منهما وقليله ، فكيف يلائم الحكم المذكور لمقالتهم
هذا ، وكيف يعقل ذلك إذا كانت الماهيّة الصادقة على القليل والكثير في حكم الشرع
مقتضية للتنجيس ، ولزوم العسر الشديد لا يقضي إلّا بنفي التكليف وهو ليس من
المدّعى في شيء ، إلّا بإرجاعه إلى تخصيص الأدلّة القاضية عندهم بالانفعال وهي
الأوامر الواردة بالنزح.
وفيه : أنّ
التزام التخصيص في جميع هذه الأوامر ليس بأولى من التزام التجوّز بإرادة
الاستحباب.