وتوضيحه
: أنّ النجاسة
حكم شرعي يتّبع مورد النصّ ، والكافر إنّما لحقه حكم التنجيس باعتبار كفره وجحوده
الحقّ ، وقد انتفى ذلك بموته فينتفي الحكم التابع له ، ويلحقه حكم آخر شرعي بالموت
، والحكمان متغايران » ، انتهى ملخّصا [١] ، وعن المعتبر [٢] أيضا الاعتراض على الحلّي بما يقرب من ذلك.
وأنت خبير بما
في جميع ذلك من المكابرة ودفع ضرورة الوجدان ، القاضي بكون المتّجه هو ما ذكره
الحلّي [٣] ، ووافقه الإسكافي ـ على ما حكي ـ ، لوجوب عدم كون
المطلق في إفادة الإطلاق واردا مورد حكم آخر ، ولذا لا يقولون بحلّيّة أكل الصيد
كيفما اتّفق ولو قبل تطهير موضع عضّ الكلب ، تمسّكا بقوله : (فَكُلُوا مِمّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ)[٤] وليس ذلك إلّا من جهة أنّ ملاقاة الكلب برطوبة كعدم
وقوع الذبح الشرعي جهة مقتضية للمنع ، على نحو يكون كلّ منهما سببا مستقلّا له ،
وكان المطلق مسوقا لرفع ما يقتضيه الجهة الثانية من المنع ساكتا عن الجهة الاولى
نفيا وإثباتا ، فيطهر حينئذ ثمّ يؤكل عملا بالدليلين الغير المتعارضين ، المقتضي
أحدهما اشتراط إباحة أكل ما لاقته النجاسة بتطهيره ، والآخر حلّيّة الصيد مع عدم
وقوع الذبح الشرعي عليه ، كيف فإمّا أن يقال : بورود الآية لرفع مقتضي الجهة
الاولى ، أو لرفع مقتضي الجهة الثانية ، أو لرفع مقتضي الجهتين.
والأوّل يأباه
التعبير بعنوان « الإمساك » ، كما أنّ الأخير يأباه متفاهم العرف ، فتعيّن الأوسط
، لأنّه الّذي يساعد عليه العرف ، ولا ريب أنّ المقام ليس إلّا من هذا الباب ،
فإنّ موت الإنسان في البئر أو وقوعه ميّتا بنفسه جهة مقتضية للنزح ونجاسة الكفر
أيضا جهة اخرى مقتضية له ، وإلّا لزم الفرق في النجاسات بينها وبين غيرها وهو
منفيّ باتّفاق الأقوال.
فقوله عليهالسلام : « وما سوى ذلك ممّا يقع في بئر الماء ، فيموت فيه
فأكثره الإنسان ينزح منها سبعون دلوا » إمّا أن يكون لبيان ما اقتضته كلتا الجهتين
فلا يساعد عليه متفاهم العرف ، أو لبيان ما اقتضته الجهة الثانية فينافيه صريح
قوله : « فيموت » وظاهر السياق صدرا وذيلا ، فتعيّن كونه لبيان ما اقتضته الجهة الاولى
وهو الّذي يساعد عليه العرف ،
[١] منتهى المطلب ١
: ٧٨ ـ ٧٩ مع اختلاف يسير في العبارة.