وقدح فيها
العلّامة في المنتهى بكون رواتها فطحيّة [١] ، غير أنّه واضح الدفع بالعمل والوثاقة كما هو صريح
المحكيّ عن المعتبر [٢] ، وقضيّة إطلاق « الإنسان » عدم الفرق فيه بين الكبير
والصغير ، ولا السمين والمهزول ، ولا الذكر والانثى ، كما هو المصرّح به في كلام
غير واحد ، مع دعوى الاتّفاق عليه في بعض العبائر ، وفي شموله للكافر كشموله
للمسلم قضيّة للإطلاق خلاف ، فالأكثر على الشمول ، وغيرهم كابن إدريس ـ في المحكيّ
عنه ـ على منعه ، لقوله في الكافر بوجوب نزح الجميع ، محتجّا : « بأنّ الكافر نجس
، فعند ملاقاته حيّا يجب نزح البئر أجمع ، والموت لا يطهر فلا يزول وجوب نزح الماء
» [٣] ، ثمّ دفع التمسّك بإطلاق « الإنسان » بمعارضته للجنب إذا ارتمس في البئر
المحمول على المسلم ، مع أنّه بإطلاقه يعمّ الكافر.
وأجاب عنه في
المنتهى : « بمنع وجوب نزح الجميع في مباشرة الكافر حيّا ، لابتنائه على وجوب نزح
الجميع فيما لا مقدّر له بالخصوص في النصوص ، وهو في حيّز المنع ، وما ذكر من
القياس ضعيف حيث أنّه لا جامع بين المقامين ، إلّا من حيث إنّ لفظ « الإنسان »
مطلق ، كما أنّ لفظ « الجنب » مطلق ، وهذا لا يوجب أن لو قيّد أحد المطلقين بوصف
وجب أن يقيّد به المطلق الآخر ، كيف ولو صحّ ذلك لاطّرد في كلّ اسم جنس حلّي
باللّام ، فوجب أن يقال : إنّ لفظ « البيع » في (أَحَلَّ اللهُ
الْبَيْعَ)[٤] ولفظ « الزاني » و « الزانية » وكذا « السارق » و «
السارقة » ونحوهما ليس للعموم ، لأنّ لفظ « الجنب » ليس للعموم ، ولا ريب في فساد
ذلك ، على أنّا نقول : إن وجد بالقياس إلى الجنب مخصّص امتنع القياس ، وإلّا كان
التقييد فيه أيضا ممنوعا ، مع أنّ دعوى عدم النصّ هنا غير مسلّمة ، كيف وأنّ النصّ
كما يدلّ بمنطوقه فكذلك قد يدلّ بمفهومه الّذي هو ثابت هنا ، حيث إنّ « الإنسان »
مطلق يتناول المسلم والكافر ، فيجري مجرى النطق بهما معا ، فإذا وجب في موته سبعون
لم يجب في مباشرته أكثر ، لأنّ الموت يتضمّن المباشرة فيعلم نفي ما زاد من مفهوم
النصّ ، سلّمنا ، لكن نمنع بقاء نجاسة الكفر بعد الموت ، وإنّما يحصل له نجاسة
بالموت مغايرة لنجاسة حالة الحياة.